خدمة الشفاء

169/271

٢ - بناة البيت

إن ذاك الذي قد أعطى حواء لآدم لتكون له زوجة ومعينة أجرى أولى معجزاته في وليمة العرس . ففي بيت الوليمة حيث كان الأصدقاء والأقرباء يفرحون معا بدأ المسيح خدمته الجهارية. وهكذا قدس الزواج معترفا بأنه المؤسسة التي سنها بنفسه. وهو الذي رسم أن يرتبط الرجال بالنساء بالزواج المقدس ليكوّنوا عائلات، وإذ يتوج أفرادها بالكرامة يعترف بهم كأعضاء في الأسرة السماوية. KS 221.1

لقد أكرم المسيح صلة الزواج يجعله رمزا للاتحاد بينه وبين مفدييه. فهو نفسه العريس ، والعروس هي الكنيسة، وهي المختارة منه التي قال عنها: «كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة» (نشيد الأنشاد 4 : 7 ). KS 221.2

«أحب المسيح أيضاً الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهراً إياها... لتكون مقدمة وبلا عيب» كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم » (أفسس 5 : 25 - 28). KS 221.3

إن الرباط العائلي هو أوثق وأرق وأقدس كل الروابط التي على الأرض. وكان القصد منه أن يكون بركة لبني الإنسان. وهو فعلا بركة أينما يدخل الناس في عهد الزواج بفطنة في خوف الله و التقدير اللائق لتبعاته. KS 221.4

فعلى من يفكرون في الزواج أن يتأملوا في ماذا ستكون صفة البيت الذي سيبنونه وتأثيره . وعندما يصيرون والدين تسلم إليهم عهده مقدسة. فعليهم ، إلى حد كبير ، يتوقف نجاح و سعادة أولادهم في هذا العالم وسعادتهم في العالم الآتي. وهم ، إلى حد كبير، يقررون الطابع الجسماني والأدبي الذي سيطبع به أولادهم. وعلى صفة البيت تتوقف حالة المجتمع، وسيقرر نقل تأثير كل عائلة ما إذا كانت كفة الميزان ستهبط أو سترتفع. KS 221.5

إن اختيار شريك الحياة يجب أن يكون بحيث يكفل الخير الجسماني والعقلي والروحي للوالدين ولأولادهم، ويجعل الوالدين والأولاد يصيرون بركة لبني جنسهم ويکرمون خالقهم . KS 221.6

على الشبان والشابات، قبلما يأخذون على عاتقهم التبعات التي يقتضيها الزواج، أن يكون عندهم اختبار في الحياة العملية يعدهم لواجباته وأعبائها. وينبغي عدم تشجيع الشباب على الزواج المبكر. فهذا الارتباط الهام جدا كالزواج والبعيد المدى في نتائجه ينبغي عدم اقتحامه بتسرع بدون استعداد كاف وقبلما تنمو القوى العقلية والجسمانية النمو المطلوب . KS 221.7

قد لا يملك الطرفان ثروة عالمية، ولكن ينبغي أن تكون لديهما البركة الأعظم وهي بركة الصحة. وفي معظم الحالات ينبغي ألا يكون هنالك تفاوت كبير في السن. وقد ينتج عن إهمال هذا القانون نتائج خطيرة إذ تتلف صحة أصغرهما سنا. وغالبا ما يحرم الأولاد من القوة الجسمانية والعقلية. فهم لا يمكنهم أن يظفروا من الأم أو الأب المتقدم في العمر بالرعاية والزمالة التي تتطلبها أيام حداثتهم، وقد يثكلون بموت أبيهم أو أمهم في نفس الوقت الذي يكونون فيه في أشد الحاجة إلى الحبيب والإرشاد . KS 222.1

ولا يمكن عقد رباط الزواج بأمان إلا في المسيح. فالمحبة البشرية ينبغي أن تستمد اقوى ارتباطاتها من محبة الله. إنما حيث يملك المسيح فقط توجد المحبة العميقة التي لا تطلب ما لنفسها. KS 222.2

الحب هدية ثمينة ننالها من يسوع. فالحب الطاهر المقدس ليس إحساسا ولكنه مبدأ. والذين يحركهم الحب الصادق لا يمكن أن يكونوا غير معقولين أو عميانا. فحيث أنهم متعلمون من الروح القدس فإنهم يحبون الله أسمى تحية ويحبون القريب کالنفس . KS 222.3

فعلى من يفكرون في الزواج أن يتفهموا مليا كل مبدأ ويراقبون كل تطور في خلق الشخص الذي يفكرون في ربط مصيرهم بمصيره مدى الحياة. يجب أن تتسم كل خطوة يخطونها نحو الزواج بالوداعة و الحشمة والبساطة والعزم الصادق الجاد لإرضاء الله وإكرامه. إن الزواج يؤثر في الحياة المستقبلية في هذا العالم والعالم الاتي، والمسيحي المخلص لا يرسم خطة لا يقرها الله. KS 222.4

وإذا كنت قد بوركت بوالدين يخافان الله فاستشرهما. واكشف لهما عن أمالك وخططك، وتعلم منهما الدروس التي قد تعلمها من اختيارهما مدى الحياة فتخلص نفسك من أحزان كثيرة. وفوق الكل اجعل المسيح ناصحا لك ومشيرا، وادرس كلمته في روح الصلاة . KS 222.5

وتحت هذا الإرشاد لتقبل الشابة شريكا لحياتها الشاب الذي يزدان بصفات الرجولة والطهارة، الشاب المجد الطموح الأمين والذي يحب الله ويتقيه. ليطلب الشاب شابة تقف إلى جانبه تكون مؤهلة لمقاسمته أعباء الحياة ، والتي يرفع تأثيرها من قدره ويهذبه والتي تجعله يسعد بحبها له. KS 222.6

«أما الزوجة المتعقلة فمن عند الرب» (أمثال ۱۹ : 14)، «بها یثق قلب زوجها... تصنع له خيراً لا شراً كل أيام حياتها» «تفتح فمها بالحكمة وفي لسانها سنة المعروف. تراقب طرق أهل بيتها ولا تأكل خبز الكسل. يقوم أولادها ويطوبونها. زوجها أيضاً فيمدحها» قائلا: «بنات كثيرات عملن فضلا أما أنت ففقت عليهن جميعا» (أمثال ۱۱:۳۱ و ۱۲ و ۲۹-26). إن من يظفر بمثل هذه الزوجة «یجد خیراً و ينال رضى من الرب» (أمثال ۲۲:۱۸). KS 223.1