التربيـــة
تَعـّْليّم الكِتَابّ المقَدّسٌ وَدراسَته
کان یسوع يدرس الکتاب القدس فی صباه و فی شبابه وفي رجولته . فکصبی صغیر کان کلی یوم يأتي عند رکباتی امه لیتعلم من أسفار الأنبياء . وفى شبابه کان یقضی فرصة الصباح الباكر ووقت الغروب على سفح الجبل أو بين أشجار الوعر فى الصلاة ودرس كلمة الله لمدة ساعة وفى إثناء خدمته نجد معرفته الوثيقة للكتاب تشهد لاجتهاده فی دراسة أسفاره . وحیث انه قد اکتسب کما يمکننا نحن أيضا فان قوته العجیبة فی العقل والروح هى شهادة لقيمة الكتاب كوسيلة من وسائل التربية Tr 217.1
ان ابانا السماوي اذ أعطانا كلمته لم يغفل الأطفال . فأين یمکن ان يوجد فی کل ما کتبه الناس اي شیء یمکن ان يكون له سلطان على القلب ، شيء يلائم ملاءمة حسنة في إيقاظ اهتمام الصغار كقصص الكتاب المقدس ؟ Tr 217.2
ففي هذه القصص البسيطة يمكن ايضاح المبادئ العظيمة في شريعة الله . وهكذا بواسطة الأمثلة المناسبة تماما لفهم الطفل وادرأکه یمکن للاباء والعلمین ان يبدأوا باكرا جدا في اطاعة وصية الرب الخاصة بوصاياه . ” قصها علی أولادك و تکلم بها حین تجلس فی بيتك وحین تمشی فى الطريق وحين تجلس فى بيتك وحين تمشى فى الطريق وحين تنام وحين تقوم ” ( تثنية 6 : 7 ) Tr 217.3
ان استخدام الأمثال والسبورات ( اللوح الأسود ) والخرائط والصور یکون مساعدا فی شرح ھذہ الدروس وترسيخها في الذاكرة . ويجب على الآباء والمعلمين أن یبحثوا دائما عن أساليب أفضل . فتعلیم الکتاب بجب ان يظفر بأحدث تفکرنا و أفضل أساليبنا وأعظم غیرة فی جهودنا Tr 218.1
وفي إيقاظ وتقوية حب دراسة الكتاب المقدس يتوقف الشيء الكثير على استخدام ساعة العبادة . فساعات العبادۃ الصباحیة والمسائية یجب ان تکون احلی واکثر الساعات عونا لطوال اليوم . وليکن مفهوما انه ینبغي عدم إقحام اي فکر من أفکار الاضطراب أو القسوة فی هذه الساعات ، وان الوالدين والأولاد يجتمعون ليلتقوا بيسوع ويدعوا الملائكة القديسين للحضور إلى البيت . ولتكن الخدمات قصيرة ومليئة بالحياة ومطابقة لتلك المناسبة وان تتنوع بین حین و آخر . ولیشترك الجمیع قی قراءة الکتاب وان يتعلموا ويرددوا مرارا شريعة الله . ومما يزيد من اهتمام الأطفال کونهم يسمح لهم احیانا باختیار الفصول التي تقرأ . أسس الوهم عنها. ودعوهم يقدمون اسئلة . واذكروا اي شيء يصلح شرحا للفصل الكتابي . وعندما لا تكون الخدمة مملة أكثر مما يلزم ليشترك الأطفال في الصلاة وفي التسبيح حتى ولو كانت الترنيمة عددا واحدا فلکی تصویر مثل هذه الخدمة کما یجب ان تکون یجب التفكير في الإعداد لها . ويجب على الوالدين ان يقضوا وقتا كل يوم في درس الكتاب مع أولادهم . لا شك أن هذا سيتطلب جهدا وتخطيطا وبعض التضحية للقيام به ولكن الجهود سیکون له جزاء و فير Tr 218.2
وفی الاستعداد التعلیم وصایا الله يأمرنا تعالی بان نخبئها في القلب ـ قلوب الآباء . فهو يقول : ” لتكن هذه الكلمات التي أنا اوصيك بها اليوم على قلبك وقصـهـا علی أولادك ” ( تثنیة 6 : 6 و ۷ ) . فلکی نحب أولادنا ق الکتاب علینا نحن انفسنا ان نحبه . ولکی نوقظ فی نفوسهم حبا لدراسته علینا نحن ان نحبه . ان تعلیمنا لهم ستکون له نفس قوة التأثير الذي تقدمه بقدوتنا وروحنا Tr 219.1
أن الله قد دعا إبراهيم لیکون معلما لکلامه . واختاره لیکون أبا لامة عظیمة لأنه رأي ان إبراهيم سیعلم أولاده و بیته مبادیء شریعة الله . وکان تأثير حیاة إبراهيم هو الذى أضفى قوة على تعليمه . كانت عائلته العظيمة مكونة من اکثر من ألف نسمة، وکان کثیرون منهم ارباب عائلات ، وكان عدد غير قليل منهم مهتدين من الوثنية منذ عهد قريب . مثل هذا البيت احتاج الى يد ثابتة لتمسك بالدفة . فالوسائل المذبذبة المترددة لم تكن لتجدي . وقد قال الله عن إبراهيم : « لاني عرفته لکي يوصي بنيه وبيته من بعدها » ( تکوین ۱۸ : ۱۹ ) . و مع ذلك فقد مارس سلطانه بحکمة و محبة ورقه جعلته یکسب القلوب . و شهادة الرقيب الالهي هي هذه : « ان يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا » (تکوین ۱۸ : ۱۹ ) . وقد امتد تأثیر إبراهيم الی ابعد من محیط بیته . فاینما نصب خيمته أقام بجوارها مذبحا للذبيحة والعبادة . وعندما كان ينقض الخیمة کان الذبح یظل باقيا ۰ و کثیرون من الکنعانیین الجوابين الذين قد اكتسبوا معرفتهم لله من حياة إبراهيم كانوا يتأخرون بجانب المذبح ليقدموا ذبيحة للرب Tr 219.2
وأن تعلیم کلمة الله الیوم لن یکون اقل تأثيرا متی وجد انعكاسا واستجابة أمينة في حياة المعلم Tr 220.1
ولا یکفی ان تعرف ما قد فکر فیه الآخرون أو تعلموه عن الکتاب . فکل واحد سیقدم لله حسابا عن نفسه فى يوم الدين ، وعلى كل واحد أن يتعلم لنفسه الآن ما هو الحقل . ولكن لكي تكون الدراسة فعالة يجب تجنيد اهتمام التلميذ . وعلی الخصوص یجب ان یقوم بهذا شخص علیه ان يتعامل مع الأطفال والشباب الذين يختلفون اختلافا بينا في المزاج والتربية وعادات التفكير ـ فهذه مسألة ينبغي أن لا تغيب عن انظارنا . وفي تعليمنا الكتاب المقدس للأولاد یمکننا ان نکتسب الشیء الکثیر بملاحظه اتجاه میول عقولهم ، والأشياء التي يسرون بها وإثارة اهتمامهم لمعرفة ما يقوله الكتاب المقدس عن هذه الاشياء . فذاك الذي خلقنا بصلاحياتنا المتعددة أعطى في كلمته شيئا لكل واحد . فاذ يری التلامیذ ان دروس الکتاب تنطبق علی حیاتهم وعلموهم ان ينظروا إليه كناصح ومشير Tr 220.2
وعلموهم أيضا أن یقدروا جماله العجیب . ان کثيرا من الكتب التي لا قيمة حقيقية لها ، الكتب المثيرة غير الصحية بل هى وبيلة تمتدح أو على الأقل يسمح باستعمالها بسبب قيمتها العلمية المزعومة . فلماذا يسمح لأولادنا أو نوجههم لأن ينهلوا من هذه الینابیع الملوثة الموبوءة في حين ان لهم كامل الحرية بأن يردوا ينابيع كلمة الله النقية ؟ ان الكتاب به ملء وقوة وعمق في المعنى لا ينضب . فيشجعوا الأولاد والشباب على ان ينقبوا عن کنوزه کنوز الفکر والتعبیر Tr 221.1
واذ يجتذب عقولهم جمال هـذه النفائس فان قوة مهدئة مسكنة ومسيطرة تلمس قلوبهم . وسيجتذبون إلى ذاك الذي قد اعلان لهم نفسه . و سیشتاق عدد لیس بالقليل إلى يعرفوا المزيد من أعماله وطرقه Tr 221.2
ویجب ان یتعلم تلميذ الکتاب ان ید نو منه بروح المتعلم ۔ علینا ان نفتشں صفحاته لیسں بحثا عن برھان بسند آراءنا بل لنعرف ما الذي يقوله الله Tr 221.3
والمعرفة الحقيقية للكتاب يمكن اكتسابها بواسطة معونة الروح القدس وحده اذ انه هو الذى أعطانا الكلمة . ولکی نکتسب هذه المعرفة علینا ان نعیش بموجب ها . فعلینا أن نطیع کل ما تأمرنا به کلمة الله ولنا ان نطالب بکل مواعيدها . والحياة التي تفرضها علينا هي الحياة التي و نقدره یمکننا ان ندرسه دراسة فعالة و مثمرة Tr 221.4
أن دراسة الكتاب المقدس تقتضي منا بذل أقصى الجهد وأعمق الفكر المثابر . فكما أن عامل المنجم يحفر طلبا الكنز الذهبي في الارض هكذا يجب علينا “، بنفس النشاط والمثابرة ، ان نطلب كنز كلمة الله Tr 222.1
وفى درس الكتاب المقدس يوميا كثيرا ما يكون درسه آیة بعد آیة ذا عون کبیر . فليأخذ الطالب آیة ویرکز فکره وعقله في الفكرة التي وضعها الله في تلك الآية لأجله ، ومن ثم يتأمل في الفكرة حتى تصير فکرته • فليأخذ الطالب آية فصلا بهذه الكيفية حتی يصير معناه واضحا لديه تماما فلفلك غرضا محددا أمامه و بدون ان یحصل علی ای تعلیم ايجابي Tr 222.2
من أهم أسباب العجز العقلي والضعف الخلقي انعدام الترکیز الحصول علی غایات ذات قیمة . أننا نفاخر بتوزیع کتبینا ومطبوعاتنا علی أوسع مدی ، ولکن الاکثار من الکتب ، حتی الکتب التی لا ضرر منها فى ذاتها قد یکون شرا اکیدا. فبواسطة السيل المنهمر من المطبوعات التى تأتى من دور الطباعة فان الكبار والصغار يكونون عادة القراءة السطحية السريعة فيفقد العقل القوة على التفكير المتصل النشط وفوق ذلك فأن عددا كبيرا من المجلات والكتب التى كضفادع ارض مصر تغطى وجه الأرض بازدیاد مستمر لیست مجرد أمور عادية عاطلة ومضعفة ولكنها نجسة ومخطئة ان تأثيرها ليس فقط لتسكر العقل وتدمره بل لتفسد النفس وتهلكها . فالعقل او القلب الخامل الكسول الذي لا هدف له یسقط فريسة سهلة النبال للشر . فعلی التركيبات العضوية المريضة العديمة الحياة تنمو الزوائد الفطریة . و عقل الکسلان هو معامل الشيطان ۰ فلیوجه العقل الی مثل سامية و مقدسة ولیکن للحیاة هدف نبیل وغرض يستوعب كل شيء وحينئذ لن يجد الشر موطئا لقدمه Tr 222.3
اذاً فلیُعلَم الشباب أن ید رسوا کلمة الله بکل دقه . فهی اذ تقبل فی النفس تصير متراسا. قویا یحمیها من التجربة . والرنم یقول : « خبأت کلامك قی قلبی . لکیلا اخطیء إليك » « بکلام شفتیلك أنا تحفظت من طرق المتعفن » ( مزمور ۱۱۹ : ۱۱ : ۱۷ :4 ) Tr 223.1
والكتاب المقدس يفسر نفسه . فيجب مقارنة آية بآية. و یجب علی الطالب ان یتعلم ان یری الکلمة ککل وان یری صله أجزائها . و علیه ان یکتساب معرفة موضوعها المرکزی الجليل عن قصد الله الاصلي لاجل العالم وعن نشوب الصراع الهائل وعمل الغداء . وعليه ان يدرك طبيعة المبدأين اللذين يتنازعان لاجل السيادة ، وعليه ان يتعلم ايضا أن يتتبع عملهما في سجلات التاريخ والنبوة إلى النهاية العظيمة .. وعليه ان يرى كيف أن هذا الصراع يتدخل في کل طور من أطوار الاختبار البشري ، و کیف انه هو نفسه فی کل عمل من أعمال حیاته یظهر الواحد او الآخر من الباعثين المتصارعين وکیف انه سواء أراد أم لم يرد هو حتی الآن یقرر و یحکم علی ای جانب من جانبی الصراع يوجد Tr 223.2
أن كل جزء من أجزاء الكتاب المقدس معطى بوحي من الله ونافع . ويجب أن يظفر العهد القديم بالانتباه کالمهد. الجديد سواء بسواء . فاذ ندرس العهد القديم نجد ينابيع حية تتدفق حيث لا يرى القارىء المهمل غير القفر Tr 224.1
وسفر الرؤيا بالارتباط بسفر دانيال يتطلب دراسة خاصة . فلیفکر کل معلم خائف الله کیف يدرك بکل وضوح و بقدم الإنجيل أو البشارة التي أتى مخلصنا بنفسه ليعلم بها عبده یوحنا - « اعلان يسوع المسيح الذي أعطاه إياه الله ليري عبیده ما لا بد ان یکون عن قریب » ( رؤیا ۱ : 1 ) . ينبغي الا يفشل احد عند دراسة سفر الرؤيا بسبب رموزه الغامضة ۰ « ان کان احدکم تعوزه حکمة فلیطلب من الله الذي يعطى الجمیع بسخاء و لا يعتبر » ( یعقوب ۱ : 5 ) Tr 224.2
” طوبی للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة ویحفظون ما هو مکتوب فیها لان الوقت قریب ” ( رؤیا 1 : 3 ) Tr 224.3
عندما توقظ فى النفس محبة صادقة للكتاب ويبدأ الطالب يعرف مقدار أتساع الحقل والقيمة الغالية الثمينة التي للکنز الذي یحتوي علیه فهو یشتاق لانتهاز کل فرصة للتعرف بكلمة الله . ودراستها لن تكون محددة بأي وقت او مکان خاص . وهذه الدراسة المتواصلة ستکون أفضل وسيلة لغرس محبة الكتاب المقدس في النفس . فليحتفظ الطالب بالکتاب المقدس معه دائما . فحسبما تکون لدیك فرصة أقرا آية وتأمل فيها. فحين تكون سائرا في الشوارع او منتظرا القطار في محطة سكة حديد ، او منتظرا مقابلة صديق بينك وبينه موعد فأحسن استخدام الفرصة لاكتساب فكرة ثمينة من خزانة الحق Tr 224.4
أن القوى العظيمة الباعثة للنفس هي الإيمان والرجاء والمحبة، والى هذه الثلاثة تستحث دراسة الكتاب المقدس ان سار فيها الإنسان سيرا صحيحا. ان الجمال الخارجي للكتاب ، جمال الخيال والتعبير ان هو الا التنسيق لكنزه الحقيقي ـ جمال القداسة . وفي تاريخ الرجال الدين ساروا مع الله يمكننا أن نرى لمحات من مجده . ففي ذاك الذي « کله مشتهيات » نری السید الذي کل جمال فی الأرض والسماء ليس الا انعكاسا باهتا له . فلقد قال : ” وانا ان ارتفعت عن الأرضں اجذب اللی الجمیع ” (یوحنا ۱۲ : ۳۲ ) . فاذ یشاهد تلمیذ الکتاب شخصی الفادی تستيقظ في النفس قوة الإيمان العجيبة والهيام والمحبة . والانسان يثبت نظره في رؤيا المسيح . والانسان اذ يشاهده یزید تشبها بما یهیم به ۰ وحی نشد تصیر کلمات بولس الرسول هي لغة النفس اذ يقول : « اني احسب كل شيء أیضا خسارة من اجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي ... لاعرفه و قوة قیامته و شرکة آلامه ” ( فیلمی ۳ : ۸ - ۰ ۱) Tr 225.1
أن ینابیع السلام والفرح السماوي المفتوحة في النفس بواسطة كلام الوحي ستصير نهرا عظيما من التأثير والقوة لیبارك کل من یقتر بون منه . فلیصر شباب اليوم ، الشباب الذین یکبرون و الکتاب بین أيديهم آخذین و معطین لقوته المحيية ، وما أعظم ينابيع البركة التي تفيض للعالم ! ــ المؤثرات التي يندر ان ندرك قوتها للشفاء والعزاء ـ انها انهار ماء حي . ينابيع تنبع « الى حياة أبدية » ( يوحنا 4 : 14 ) Tr 226.1