الأنبياء والملوك

1/70

الأنبياء والملوك

كلمة تمهيدية

القصة الكاملة ” للشعب المختار“ نسل ابراهيم ” حسب الجسد“ هي على جانب عظيم من الفائدة والأهميّة بخاصّة أنّها تعلن لنا صفات الله المتعددة الجوانب في سموها و جلالها. كدوام رأفته وكمال عدله وعمق حكمته وعظم قدرته وخلود محبته. AM 5.1

ولكن في تتابع الحقبة الطويلة لا يوجد قسم اكثر أهميّةً من القسم الذي يتناوله هذا المجلّد وذلك منذ الوقت الذي بلغ فيه حكم شعب الله الدنيوي الذروة حتى سبيهم ورجوعهم. AM 5.2

ليس غرضُ الكتاب عرضُ تاريخٍ أو سردُ قصّةٍ مسهبةٍ للأحداث التي جرت في ذلك الزمن أو استعراض تاريخي منتظم. هذا ما فعله آخرون في أوقات مختلفة. فغاية الكتاب إذاً إنجازُ أمورٍ أعظم وهي إبرازُ الدروس الأخلاقيّة التي يمكننا استخلاصها من انتصارات شعب الله وهزائمهم وارتدادهم وسبيهم وإصلاحاتهم وجعلها ذات فائدة عمليّة للنفوس في أوقات الإمتحان وإظهار ملء محبّة الله ورحمته في معاملاته الرحيمة مع ذلك الشعب المعاند والمقاوم. AM 5.3

يبدأ هذا المجلد بشعب الله كمملكة متّحدة في ذروة مجدها، بهيكلها الفخم العظيم — الذي كان آنذاك مركز العبادة الحقّة للعالم كلّه. ثم يتبع ذلك انقسامُ المملكة، المملكة الشمالية ذات الأسباط العشرة التي بسبب خيانتها، انتهى بها الأمرُ إلى النسيان في السبي. AM 5.4

أما تاريخ يهوذا ذو الأحداث المتباينة فيُقَدّم لنا تحت الحكم العصيب لملوكها الأساسيين الأخيار منهم والأشرار حتى أفضى الأمر بهذه المملكة إلى السبي وبنوها يبكون على ضفافِ نهر الفرات حيث علّقوا أعوادهم على شجر الصفصاف وهم ينظرون بشوقٍ ولهفةٍ إلى أورشليم التي آلت إلى الخراب. AM 6.1

ثم يخبرنا الكتاب عن تغرّب شعب الله آنذاك في بابل وعن رجال الله القديسين وأنبيائه ورسالة النجاة والحريّة في إعلان نطق به أحد عظماء ملوك الأرض وعن عودة المسبيين إلى أورشليم وإعادة بناء الهيكل تحت إرشاد إلهيّ وإعادة تأسيس شعب الله في أرضهم. AM 6.2

والكتاب زاخر بدراسات لصفات شخصيّات عظيمة — كسليمان الحكيم الذي لم تستطع حكمته وحدها أن تحفظ قلبه من العصيان، ويربعام الرجل السياسي، والنتائج الوخيمة التي نتجت عن سياسته وإيليا القويّ الذي مع أنّه لم يُعرف له أصل أو نسب كان موفداً برسالة، وأليشع نبي السلام و الشفاء، وآحاز الشرّير الجبان، وحزقيا الصالح الخجول، ودانيال المحبوب من الله، وإرميا النبي الحزين وحجّي وزكريا وملاخي أنبياء الإستعادة وفوق هؤلاء جميعاً يسمو الملك الآتي، في مجد إلهيّ سماويّ، حمل الله، الابن الوحيد، الذي فيه تتمّ كلّ رموز الذبائح والبرّ والسلام إتماماً أبدياً. AM 6.3

ويصوّر هذا المجلّد خطط الله التي لا تخيب فإذا لم يتعاون شعب الرب على تقديم إنجيله المبارك إلى العالم فسيتمّ تقديمه بوسائل أعظم وأقوى رغماً عنهم، حتى لو كانوا مسبيين في بابل. فعن طريق شهادة أمينة لجماعة قليلة التزم أعظمُ ملوك بابل بإذاعة إعلان ملكي على العالم أجمع عن معرفة الإله الحقيقي وفي نجاتهم من السبي يعلن كورش الملك الفارسي العظيم رسالة الحريّة. فإذا أراد الله فهو سيضع ثروة الإمبراطوريات وقوّتها تحت تصرّفهم. AM 6.4

وهكذا فنحن نسير إلى الأمام في تدبير الله من الرمز إلى المرموز إليه. من الحكّام الذين يموتون إلى الملك السرمديّ، من الأمجاد التي تذوي وتزول إلى الأمجاد الأبدية التي لا تزول، من الشعب المائت الذي يخطئ ويهلك إلى الشعب البار الباقي إلى الأبد. AM 7.1

ونحن نصلي إلى الله لكي يبارك هذا الكتاب الذي كُتب بقلم السيّدة إلن هوايت التي أنجزت فصوله الأخيرة قبل وفاتها. نرجو أن يكون بركة في الإتيان بنفوس كثيرة إلى الإله الحقيقي كما كانت مجلداتُها السابقة — هذا ما يرجوه:- AM 7.2

(الناشرون)