الصبا و الشباب

2/512

محتويات الكتاب

المقدمة

صوغ سجايا للأبدية

إن بي إهتماماً عميقاً بالشبيبة، و لكم أود أن أراهم يجاهدون لإحراز صفات مسيحية كاملة، و يعملون بالدرس المجد و الصلاة الحارة لتحصيل الثقافة اللازمة للخدمة المقبولة في عمل الله. كم أتوق أن أراهم يعينون واحدهم الآخر لبلوغ قياس أعلى في الحياة المسيحية. SM 14.1

لقد جاء المسيح ليعلم الأسرة البشرية طريق الخلاص، و جعل هذا الطريق من الوضوح بحيث يقدر طفل صغير على السلوك فيه. إنه يأمر تلاميذه بمواصلة السير حتى يعرفوا الرب، إذ بإتباعهم إرشاده يومياً يعلمون أن طريقه معد مثل الصبح. SM 14.2

لقد راقبت طلوع الشمس وانبلاج الصبح تدريجياً على الأرض و في الجلد. يتزايد ضوء الفجر شيئاً فشيئاً حتى تبزغ الشمس، ثم يأخذ النور يزداد قوة و صفاء، حتى يبلغ ذروة بهائه عند الظهيرة. هذا إيضاح جميل لما يريد الله أن يعمله لأولاده في تكميل حياتهم المسيحية، إذ فيما نسلك يوماً فيوماً في النور المرسل لنا منه، بالطاعة الراغبة لكل مطاليبه، ينمو إختبارنا المسيحي حتى نصبح، رجالاً و نساء، كاملين في المسيح يسوع. SM 14.3

يحتاج الشبيبة أن يضعوا نصب أعينهم الطريق الذي سلكه المسيح، و الذي كان في كل مراحله طريق نصرة. والمسيح لم يأت إلى العالم كملك يسود على الأمم، بل جاء كإنسان متواضع ليواجه التجربة و يقهرها، وسلك كما ينبغي لنا نحن أن نسلك في طريق معرفة الرب. حين ندرس حياته نرى كم يفعل الله بواسطته لأجل أولاده، كما نرى أن تجاربنا و مصاعبنا مهما عظمت فهي دون ما احتمله المسيح، ليتيح لنا أن نعرف الطريق و الحق و الحياة. علينا أن نظهر تقديرنا لتضحيته من أجلنا بإتباعنا مثاله في الحياة. SM 14.4

لقد اشترى الشبيبة بثمن لا بحد، دم ابن الله. تصور تضحية الأب إذ سمح لابنه أن يبذل نفسه. تأمل في ما تركه المسيح. لقد أخلى العرش الملكي و غادر دبار السماء ليقدم حياته للناس ذبيحة يومية. إحتمل التعيير و سوء المعاملة، و تحمل كل ما استطاع الأشرار أن يسلطوه عليه من سهام الإهانة و الهزء و السخرية، و إذ كملت خدمته الأرضية ذاق الموت، موت الصليب. تأمل في آلامه على الصليب.. المسامير تدق في يديه و رجليه، الهزء و الإهانة ينصبان عليه ممن جاء لخلاصهم. وجه الآب يحتجب عنه. وإنما بهذا كله أتاح المسيح لكل من أراد، أن تكون له الحياة التي تقاس بحياة الله. SM 15.1