الصبا و الشباب

321/512

الموسيقى موهبة ثمينة

إن تاريخ ترانيم الكتاب المقدس مملوء بالإرشادات المتعلقة باستعمال الموسيقى و فوائدها، غير أن الموسيقى تحرّف غالباً لتخدم مقاصد الشر، و بذلك تصبح من أقوى الوسائل المغرية للتجربة. أما إذا استعملت بلياقة فهي هبة من الله ثمينة، غايتها أن تسمو بالأفكار إلى مواضيع جليلة و نبيلة و تلهم النفس و تهذبها. SM 303.3

بينما كان بنو إسرائيل يتجولون في البرية أشاعوا في مسيرهم روح الفرح بموسيقى الترنيم المقدس، كذلك يأمر الله أولاده أن يشيعوا روح البهجة و المسرة في حياة اغترابهم. ليس هناك سوى وسائل قليلة هي أشد تأثيراً في ترسيخ كلمات الله في الذهن تفوق تكرار هذه الكلمات بالترنيم، و لهذا الترنيم قوة عجيبة، قوة تلين الطبائع الخشنة و غير المهذبة، قوة تحيي الفكر و توقظ الحنان لكي تقوى انسجام العمل و تنفي الكآبة و الشؤم اللذين يدمران الشجاعة و يضعفان الهمة. SM 303.4

إنها من الطرق الأشد فعالية في ختم القلب بالحق الروحي. ما أكثر ما توشك النفس المتضايقة بشدة أن تقنط، فتستعيد الذاكرة إحدى كلمات الله — محور ترنيم الطفولة المنسي منذ أمد بعيد — مما يجعل التجارب تفقد قوتها. فتكتسب الحياة معنى جديداً و قصداً جديداً، و توهب الشجاعة و المسرة لنفوس أخرى. SM 304.1

إن قيمة الترنيم كوسيلة للتثقف ينبغي ألا تبرح البال أبداً، فليكن في البيت ترنيم، ترنيم عذب و طاهر فيه القليل من كلمات التوبيخ و الكثير من كلام الابتهاج و الرجاء و الفرح. ليكن ترنيم في المدرسة فيزداد اقتراب التلاميذ من الله و من معلميهم و من بعضهم بعضاً. SM 304.2

و الترنيم، كجزء من الخدمة الدينية، له ما للصلاة من تأثير، و بالحقيقة أن كثيراً من الترنيم هو صلوات، فإذا تعلم الولد أن يدرك هذا الأمر فهو سيفكر تفكيراً أعمق في معنى الكلمات التي يرنمها و يكون أكثر تأثراً بقوتها. SM 304.3

و إذ يرشدنا فادينا إلى عتبة باب الله السرمدي حيث نمتلئ من مجد الله، ندرك مواضيع التسبيح و الشكر من الجوقة السماوية التي حول العرش، و إذ يتردد في بيوتنا الأرضية صدى ترنيم الملائكة فإن القلوب يزداد اقترابها من المرنمين السماويين. فشركتنا السماوية تبدأ على الأرض، و هنا نتعلم أساس تسبيح السماء — (ر: 161 — 168). SM 304.4