الصبا و الشباب

309/512

عواقب مطالعة القصص الخيالية

لاحظت أولاداً سمح لهم باتخاذ هذا السبيل. كانوا، سواء في البيت أم خارجه، إما مضطربين أو حالمين، ولا قدرة لهم على التحدث إلا في أتفه المواضيع. أما القوى السامية المهيأة لأغراض نبيلة فقد انحطّت لتتناول مواضيع مبتذلة بل حقيرة، حتى أمسى صاحبها قانعاً بمثل هذه المواضيع، و نادراً ما يقوى على بلوغ مستوى أرفع، و لم يعد يستلذ التفكر أو التحدث في الأمور الدينية. SM 291.3

إن الغذاء العقلي الذي أخذ يستسيغ طعمه ذو تأثير معد و يفضي إلى الأفكار الدنسة الشهوانية. لقد تحركت أحشائي بالشفقة على هؤلاء، إذ تأملت مبلغ خسارتهم بإهمالهم ما يتاح لهم من فرص التعرف بالمسيح الذي عليه يرتكز رجاؤنا بالحياة الأبدية. و كم يضيع من الوقت الثمين الذي كان يوسعهم أن يشغلوه بدرس المثال الأكمل للصلاح الحقيقي. SM 291.4

أعرف، شخصياً، بعض الذين فقدوا اتزان العقل بسبب عاداتهم الخاطئة في المطالعة، يسلكون عبر الحياة بمخيلة مريضة، يضخّمون كل إساءة صغيرة و يبالغون فيها، و الأمور التي لا يلاحظها العقل المتزن الحساس هي في اعتبارهم مصاعب لا يمكن احتمالها، و عقبات لا يمكن تخطيها، فالحياة بالنسبة إليهم مظلمة أبداً. SM 292.1

و الذين اعتادوا الانصراف إلى القصص المثيرة يعطلون قوتهم العقلية و يعجزون أنفسه عن التفكير الرصين و المطالعو و البحث الناشطين. و ثمة الآن رجال و نساء تقدمت بهم السن و لم يشفوا إطلاقاُ من تأثير المطالعة الرديئة. SM 292.2

إن العادات التي اكتسبوها في سنيهم الباكرة قد نمت مع نموهم و تقوت مع قوتهم، فلم يحرزوا بجهودهم المبذولة للتغلب عليها، رغم تصميمهم، إلا نجاحاً جزئياً. كثيرون فشلوا في استعادة ما كان لهم أصلاً من قوة العقل، وكل محاولاتهم ليصيروا مسيحيين عمليين تنتهي بالتمني. لا يقدرون على التشبه بالمسيح و هم ماضون في تغذية عقولهم بهذا النوع من المطبوعات. SM 292.3

و ليس ذلك للجسم بأقل فداحة، فالجهاز العصبي يبهظ، دون ما داع، بهذا النزوع إلى المطالعة، و في بعض الحالات، يقع الشبيبة و حتى المكتملو النمو فريسة مرض الفالج، لا لسبب إلا لأنهم أفرطوا في المطالعة، ذلك أن العقل يظل في تهيج دائم حتى يبلغ الضعف من جهاز الدماغ مبلغاً يعجز معه عن العمل، فيحدث الفالج. SM 292.4