مشتهى الأجيال

148/684

إفساد الشريعة

لقد انحنى ذاك الذي كان مريضا ليأخذ سريره الذي لم يكن أكثر من سجادة صغيرة وبطانية. وإذ انتصب مرة أخرى والفرح يغمر قلبه جعل يتطلع هنا وهناك بحثا عن منقذه وشافيه ، ولكن يسوع كان قد اختفى في وسط الجموع . وكان الرجل يخشى من أنه لن يعرفه لو رآه مرة أخرى . وإذ كان يسرع في طريقه بخطوات ثابتة ولا أثر فيه للمرض وهو يسبح الله فرحا بالقوة التي عادت إليه من جديد قابل كثيرين من الفريسيين وللوقت أخبرهم عن الشفاء الذي قد حصل عليه ، فأدهشه الفتور الذي به قابلوا خبر شفائه. ML 180.3

وبكل عبوسة قاطعوه وهو يتكلم وسألوه لماذا حمل سريره في يوم السبت ، وبكل عنف ذكَّروه بأنه ، لا يحل له أن يحمل حملا في يوم الرب. لكن ذلك الرجل كان قد نسي أن ذلك اليوم هو يوم السبت لشدة فرحه بالشفاء . ومع ذلك فإن ضميره لم يبكته لكونه قد أطاع أمر ذاك الذي كان مزودا بهذه القوة من الله . فأجابهم قائلا بكل شجاعة: “إِنَّ الَّذي أَبرأَني هو قَالَ لِي: احملْ سرِيركَ وَامشِ” (يوحنا 5 : 11). فسألوه قائلين من هو الذي فعل هذا . فلم يستطع أن يجيبهم عن ذلك السؤال . إن أولئك الرؤساء كانوا يعرفون جيدا أنه يوجد واحد فقط برهن على قوته على إجراء مثل هذه المعجزة ، ولكنهم كانوا يطلبون برهانا صريحا على أنه يسوع حتى يمكنهم أن يحكموا عليه بأنه قد نقض السبت . فهو ، ML 180.4

في رأيهم ، لم يخالف الشريعة بشفاء الرجل في يوم السبت فحسب ، بل قد انتهك حرمة الأقداس بكونه أمره بأن يحمل سريره. ML 181.1

لقد أفسد اليهود الشريعة بحيث جعلوها نير عبودية. إن أوامرهم ونواهيهم التي كانت بلا معنى جعلتهم مضغة في أفواه الأمم الأخرى ، وعلى الخصوص بما يتعلق بالسبت الذي كان محاطا بسياج من الأوامر المشددة التي لا معنى لها . لم يكن بالنسبة لهم لذة ولا مقدس الرب ولا مكرما . بل لقد جعل الكتبة والفريسيون حفظه عبئا لا يحتمل . فلم يكن يسمح لليهودي أن يشعل نارا أو حتى يضيء شمعة في يوم السبت . وقد نتج عن ذلك أن احتاج الشعب إلى مساعدة الأمم في القيام بكثير من الخدمات التي قد حرمت القوانين عليهم هم القيام بها لأنفسهم . ولم يفكروا في أنه إذا كانت هذه الأعمال خاطئة فإن من يستخدمون غيرهم في القيام بها هم مذنبون كما لو كانوا قد عملوها بأنفسهم ، وظنوا أن الخلاص محصور في اليهود . وإن حالة الأمم الأخرى التي كانت حالة ميئوسا منها لم يكن يمكن أن تكون أردأ مما هي عليه . ولكن الله لم يضع وصايا لكي يحفظها أناس دون غيرهم ، وشرائعه لا تصادق على القيود الأنانية غير المعقولة. ML 181.2