مشتهى الأجيال

128/684

إنكار الذات

إن من هم أمناء لدعوتهم كمرسلين لله لا يطلبون لأنفسهم المجد. فمحبة الذات تبتلعها محبة المسيح ، وحينئد ليس من منافسة تشوه رسالة الإنجيل الثمينة. إن الخدام الأمناء يعتبرون أن عملهم هو نشر الدعوة كما فعل المعمدان حين قال: “هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم!” (يوحنا 1 : 29). إنهم إذ يرفعون يسوع ترتفع البشرية معه وفيه ، “هكذا قال العلي المرتفع، ساكن الأبد، القدوس اسمه: في الموضع المرتفع المقدس أسكن، ومع المنسحق والمتواضع الروح، لأحيي روح المتواضعين، ولأحيي قلب المنسحقين” (إشعياء 57 : 15). ML 157.5

إن روح النبي إذ أخليت من الذات امتلأت من النور الإلهي. وإذ شهد لمجد المخلص كان كلامه قريب الشبه بكلام المسيح نفسه الذي كان قد نطق به في مسامع نيقوديموس . لقد قال يوحنا: “الذي يأتي من فوق الجميع، والذي من الأرض هو أرضي، ومن الأرض يتكلّم. الذي يأتي من السماء هو فوق الجميع” ، “لأن الذي أرسله الله يتكلّم بكلام الله. لأنه ليس بكيل يعطي الله الروح” (يوحنا 3 : 31، 34). ولقد استكاع المسيح أن يقول: “لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني” (يوحنا 5 : 30). وقد قدم له هذا الإعلان: “أحببت البر وأبغضت الإثم. من أجل ذلك مسحك الله إلهك بزيت الابتهاج أكثر من شركائك” (عبرانيين 1 : 9). و “ليس بكيل يعطي الله الروح”. ML 158.1

كذلك هي الحال مع أتباع المسيح ، فإننا نستطيع الحصول على نور السماء بقدر ما نكون راغبين في التخلص من الذات. ولا نستطيع أن ندرك صفات الله أو أن نقبل المسيح بالإيمان ما لم نرضَ أن نستأسر كل فكر إلى طاعة المسيح . فكل من يفعلون ذلك يعطى لهم الروح القدس بدون كيل . وفي المسيح “يحل كل ملء اللاهوت جسدياً. وأنتم مملوؤون فيه، الذي هو رأس كل رياسة وسلطان” (كولوسي 2 : 9، 10). ML 158.2

كان تلاميذ يوحنا أعلنوا أن الجميع يأتون إلى المسيح ، ولكن يوحنا ببصيرة أصفى قال: “ وشهادته ليس أحد يقبلها” (يوحنا 3 : 32). هكذا نجد أن قليلين هم الذين كانوا على استعداد لقبوله كالمخلص من الخطية. ولكن “من قبل شهادته فقد ختم أن الله صادق” (يوحنا 3 : 33) “الذي يؤمن بالبن له حياة أبدية” (يوحنا 3 : 36). لا حاجة إلى الجدال فيما إذا كانت معمودية يوحنا أو معمودية المسيح هي التي تطهر من الخطية . إن نعمة المسيح هي التي تعطي النفس حياة ، إذ بدون المسيح تمسي المعمودية كأي خدمة أخرى عديمة القيمة: “الذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله” (يوحنا 3 : 36). ML 158.3

إن خبر نجاح عمل المسيح الذي تلقاه المعمدان بفرح عظيم ، وصل أيضاً إلى مسامع السلطات في أورشليم. لقد كان الكهنة ومعلمو الشعب يغارون من تأثير يوحنا عندما رأوا الناس يتركون المجامع وينطلقون إلى البرية أفواجا أفواجا ، ولكن هنا واحدا آخر كان أشد قوة لاجتذاب الجماهير ، ولم يكن معلمو إسرائيل أولئك مستعدين لأن يقولوا مع يوحنا: “ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص”. لقد نهضوا وقد عزموا من جديد على أن يجعلوا حدا ونهاية للعمل الذي كان يبعد الناس عن أشخاصهم. ML 159.1