مشتهى الأجيال
الفصل الثامن عشر— “ ينبغي أن يزيد”
لقد ظل تأثير المعمدان على الأمة بعض الوقت أقوى من تأثير الرؤساء والكهنة أو الحكام. فلو أعلن عن نفسه أنه مسيا وقاد الثورة ضد روما ، لكان الكهنة والشعب يفدون إليه من كل صوب وينضوون تحت لوائه ، وكان الشيطان يقف على أتم استعداد لأن يحرض المعمدان على أن يستجيب لكل اعتبار يتفق مع أطماع غزاة العالم ، ولكن مع وجود الدليل على قوة يوحنا فقد رفض بكل إباء تلك الرشوة المغرية ، وحول أنظار الناس التي كانت متجهة إليه إلى شخص أخر (المسيح). ML 156.1
أما الآن فها هو يرى سيل العظمة والشهرة يتحول عنه إلى المخلص. ويوما بعد يوم بدأ إقبال الجموع إليه يتناقص شيئا فشيئا . وعندما جاء يسوع من أورشليم إلى إقليم الأردن احتشد الناس حوله ليسمعوه ، وكان عدد تلاميذ المسيح يتزايد كل يوم . وقد أتى كثيرون ليعتمدوا ، ولما لم يكن يسوع نفسه يعمد فقد صرح لتلاميذه بتعميد طالبي العماد ، وهكذا ختم على مهمة سابقه بختم القبول . ولكن تلاميذ يوحنا كانوا ينظرون بعين الغيرة والحسد إلى شهرة يسوع المتزايدة ، وكانوا على أتم استعداد لانتقاد عمله ، وسرعان ما وجدوا فرصة مواتية لذلك . فقد حدثت مباحثة بينهم وبين اليهود فيما إذا كانت المعمودية تنفع في التطهير من الخطية ، وأكدوا بأن معمودية يسوع تختلف اختلافا جوهريا عن معمودية يوحنا ، وسرعان ما اشتبكوا في جدال مع تلاميذ المسيح فيما يختص بنوع الكلام الذي يقال عند المعمودية ، وأخيرا عن الحق المخول لتلاميذ يسوع بأن يعمدوا إطلاقا . ML 156.2