مشتهى الأجيال
الابن المحب المعوان
وها هي تلتقي به في وليمة العرس ، وإذا هو كعهدها به الابن الرقيق المستعد لأداء الواجب ، ومع ذلك فهو ليس كما كان . لقد تغير منظر وجهه فهو يحمل آثار صراعه في البرية ، كما أن هنالك تعبيرا جديدا عن العظمة والسلطان على وجهه برهانا على كونه مرسلا من السماء . وكان يصحبه جماعة من الشباب يشخصون إليه باحترام وهم يدعونه معلما . هؤلاء الرفاق يسردون على مسمع مريم ما قد نظروه وسمعوه عند معمودية يسوع وفي أماكن أخرى ، ثم يختمون حديثهم بهذا الإعلان: “وَجدنَا الَّذي كَتَب عْنه موسى في النَّاموسِ وَالأَنبِياءُ” (يوحنا 1 : 45). ML 125.1
وإذ يجتمع المدعوون يبدو أن كثيرين منهم مشغولون في مواضيع هامة. وهنالك اهتياج مكبوت يشمل تلك الجماعة ، وهنالك جماعات صغيرة منهم تتحادث بنغمات مشتاقة وهادئة ، ونظراتهم المتسائلة تتجه إلى ابن مريم . وإذ سمعت مريم شهادة التلاميذ عن يسوع ابتهج قلبها موقنة بأن آمالها التي كانت تحتضنها طويلا لم تكن باطلة . ومع ذلك فلكونها من البشر فقد امتزج مع الفرح المقدس بعض آثار الزهو الطبيعي الذي تكنه الأم المحبة لابنها . فإذ رأت كل الأنظار متجهة إلى يسوع تاقت إلى أن تراه يبرهن لتلك الجماعة على أنه بالحقيقة المكرم والمختار من الله ، ورجت أن يكون هنالك مجال له ليصنع معجزة أمامهم. ML 125.2
وكان من العادات المألوفة في تلك الأيام أن تدوم ولائم العرس عدة أيام. وفي هذا العرس اكتشف قبل نهاية أيام الوليمة أن الخمر قد نفدت ، فسبب ذلك كثيرا من الارتباك والأسف . وكان من غير المألوف الاستغناء عن الخمر في مثل تلك الولائم ، كما أن عدم وجودها كان دليلا على نقص في الكرم وحسن الضيافة . ولكون مريم من أقارب العائلتين فقد ساعدت في ترتيبات الوليمة ، وها هي الآن تتحدث مع يسوع قائلة: “لَيس لَهم خَمر” (يوحنا 2: 3). كان هذا الكلام اقتراحا مقدما منها له ليسد هذه الحاجة . فأجابها يسوع بقوله: “ما لِي وَلَك يا امرأَةُ؟ لَم تَأْتِ ساعتي بعد” (يوحنا 2 : 4). ML 125.3