مشتهى الأجيال

96/684

قنوات للنور

كثيرون يحتاجون إلى خدمة المسيحيين ذوي القلوب المفعمة بالمحبة. لقد هلك كثيرون ممن كان يمكن أن يخلصوا ، لو أن جيرانهم من الرجال والنساء العاديين بذلوا معهم بعض الجهود الشخصية الفردية لربحهم . وكثيرون ينتظرون أن تفدم لهم دعوة شخصية . ففي نفس العائلة والبيئة والمدينة التي نعيش فيها لنا عمل نعمله كرسل للمسيح . إذا كنا مسيحيين بالحق فهذا العمل سيكون موضوع سرورنا . وما إن يهتدي إنسان إلى الله حتى ينشأ في قلبه حنين لأن يعرف الآخرين أي صديق غال قد وجد في يسوع ، إذ أن الحق المخلص والمقدس لا يمكن أن يحبس في صدره. ML 121.2

إن كل من هم مكرسون لله هم قنوات للنور. والله يجعلهم وسائل لإيصال غنى نعمته للآخرين . وهذا هو وعد الله لهم: “وَأَجعُلهم وَما حولَ أَكَمتي بركَةً ، وَأُنْزِلُ علَيهِمِ الْمطر في وَقْته فَتَكُونُ أَمطَارَ بركَة” (حزقيال 34 : 26). ML 121.3

لقد قال فيلبس لنثنائيل: “ تعال وانظر” . لم يطلب منه قبول شهادة إنسان آخر ، بل أن يرى المسيح لنفسه . والآن وقد صعد المسيح إلى السماء فإن تلاميذه هم ممثلوه بين الناس. ومن أفعل الوسائل لربح النفوس له هو إظهار صفاته في حياتنا اليومية . إن تأثيرنا في الآخرين لا يتوقف على ما نقوله بل على حياتنا وتصرفاتنا. قد يعارض الناس منطقنا ويتحدونه ، وقد يقاومون توسلاتنا ، ولكن حياة المحبة غير المغرضة هي حجة لا يمكنهم معارضتها أو نقضها . فالحياة الثابتة المتصفة بوداعة المسيح هي قوة في العالم. ML 121.4

كان تعليم المسيح تعبيرا عن اقتناع واختبار داخليين والذين يتعلمون منه يصيرون معلمين حسب المثال الإلهي. فكلمة الله التي يتكلم بها إنسان وقد تقدس بها ، فيها قوه تمنح الحياة وتجعلها مقبولة من سامعيها وتقنعهم بأنها حقيقة حية . وحين يقبل الإنسان الحق حباً به فهو سيظهره في تصرفاته وفي كلامه . كما يعرف الناس بما قد سمعه ورآه وأخذه من كلمة الحياة حتى يشترك معه الآخرون بمعرفة المسيح . إن شهادته الخارجة من شفتين مطهرتين بجمرة من على المذبح المقدس هى الحق الصراح للقلب الذي يقبله ويعمل على تقديس الخُلق. ML 122.1

هذا وإن من يطلب أن ينير الآخرين سينال هو نفسه بركة ، “فَتَكُونُ أَمطَارَ بركَة” وإن “الْمروِي هو أَيضا يروَى” (أمثال 11 : 25). لقد كان الله قادرا على الوصول إلى قصده في تخليص الخطاة بدون معونتنا ، ولكن لكي ننمو في أخلاقنا حتى تصير كأخلاق المسيح ينبغي لنا أن نشاركه في عمله . وحتى نتمتع بفرحه- فرح رؤية النفوس تُفتَدى بكفارته - علينا أن نشاركه في عمله لأجل فدائهم. ML 122.2