مشتهى الأجيال

85/684

الإيمان والغطرسة

ولكن الإيمان لا يتفق مع الغطرسة بأي معنى من المعاني . فالذي عنده إيمان حقيقي هو وحده المحصن ضد الغطرسة. لأن الغطرسة والتهور هما تزييف الشيطان للإيمان .إن الإيمان يتمسك بوعد الله ويثمر ثمار الطاعة . والغطرسة والتهور يتمسكان هما أيضاً بالمواعيد ، ولكنهما يستخدمانها كما استخدمها الشيطان عذرا للعصيان . كان يمكن أن يقود الإيمان أبوينا الأولين إلى الثقة بمحبة الله وإطاعة أوامره ، ولكن التهور قادهما إلى عصيان شريعته وهما واثقان من أن محبته العظيمة ستنجيهما من قصاص خطيتهما . إن الإيمان ليس هو الذي يطلب رضى السماء دون الامتثال للشروط التي بموجبها توهب الرحمة . ولكن الإيمان الحقيقى هو الذي يؤسس على وعود الكتاب وإعداداته ML 107.4

في غالب الأحيان عندما يخفق الشيطان في إثارة الشك في نفوسنا فهو يفلح في إيقاعنا في الغطرسة والتهور. فإذا استطاع أن يجعلنا نضع أنفسنا في متناول التجربة بدون داع فهو يعرف أن النصر حليفه . إن الله سيحفظ كل من يسيرون في طريق الطاعة ، ولكن الانحراف عنها مجازفة عظيمة إذ يسير الإنسان في أرض الشيطان ، وفي هذه الحالة لابد من سقوطنا . لقد أمرنا المخلص قائلا: “اِسهروا وَصلُّوا لِئَلاَّ تَدخُلُوا في تَجرِبة” (مرقس 14 : 38). فالتأمل والصلاة يحفظاننا من الاندفاع في طريق الخطر بلا داع ، وهكذا نوفر على أنفسنا هزائم كثيرة. ML 108.1

ومع ذلك ينبغي ألاّ نفقد شجاعتنا متى هاجمتنا التجربة ، إذ غالبا عندما نوجد في موقف شاق نشك في أن روح الله هو الذي يتولى قيادتنا ، مع أن الروح هو الذي اقتاد يسوع إلى البرية ليجرب من إبليس. فعندما يدخلنا الرب في تجربة يكون له قصد يتممه لخيرنا . إن يسوع لم يجترئ على وعود الله بدخوله في التجربة بدون سماح إلهي ، كلا ، ولا استسلم إلى اليأس عندما هجمت عليه التجربة ، فعلينا نحن أيضاً ألاّ نفعل ذلك ، إذ “اللهَ أَمين ، الَّذي لا يدعكم تُجربونَ فَوقَ ما تَسَتطيعونَ ، بلْ سيجعلُ مع التَّجرِبة أَيضا اْلمْنَفذَ ، لِتسَتطيعوا أَنْ تَحَتملُوا” ، وهو يقول: “اِذْبح للهِ حمدا ، وَأَوْفِ اْلعلي نُذُورَكَ ، وَادْعني في يومِ الضيق أْنقذكَ فَتُمجدني” (2 كورنثوس 10 : 13، مزمور 50 : 14، 15). ML 108.2

لقد انتصر يسوع على التجربة الثانية ، وهوذا الشيطان يميط اللثام ويبدو على حقيقته .ولكنه لا يظهر في هيئة وحش مخيف وأظلافه مشقوقة وله أجنحة كأجنحة الخفافيش. إنه ملاك قوي مع أنه ساقط وهو يجاهر بأنه قائد العصاة وإله هذا العالم. ML 108.3