مشتهى الأجيال

68/684

الفصل الحادي عشر —المعمودية

لقد ذاعت أنباء نبي البرية وإعلانه العجيب في كل أنحاء الجليل حتى بلغت الرسالة مسامع الفلاحين الساكنين في أقصى المدن الجبلية والصيادين الساكنين عند البحر ، فوجدت تلك الرسالة في القلوب الساذجة الغيورة أصدق استجابة. وقد رددت هذه الرسالة في الناصرة في الحانوت الذي كان ليوسف النجار ، وكان هنالك من أدرك تلك الدعوة .لقد أتت ساعته ، فإذ ترك عمله اليومي ودع أمه وسار في إثر مواطنيه الذين كانوا يتقاطرون على نهر الأردن. ML 90.1

كان يسوع ويوحنا المعمدان من أبناء الخؤولة. وقد توثقت الأواصر بينهما بسبب ظروف ميلادهما ، إلا أنه لم يكن بينهما تعارف مباشر ، فيسوع قضى حياته في ناصرة الجليل أما يوحنا فكان يعيش في برية اليهودية . وفي بيئتين متباينتين عاش كل منهما في عزلة ولم يتصل أحدهما بالآخر . ولقد كان هذا بترتيب العناية . فلم تعط فرصة لتعزيز تهمة كونهما متآمرين على أن يعاضد كل منهما الآخر ويؤيد دعواه. ML 90.2

كان يوحنا عالما بالحوادث التي تميز بها ميلاد يسوع ، إذ سمع عن زيارته لأورشليم في صباه وما حدث في مدرسة معلمي الشعب ، كما عرف أنه كان معصوما من الخطية وآمن بأنه لابد أن يكون هو مسيا ، إلا أنه لم يكن عنده اليقين الجازم من هذه الناحية. إن حقيقة كون يسوع ظل سنين طويلة مغمورا دون أن يقدم دليلا خاصا على صدق رسالته ، أعطى مجالا للشك والتساؤل فيما إذا كان هو الشخص الموعود به أم لا . ومع ذلك فقد ظل المعمدان ينتظر بإيمان أن كل شيء سيصير واضحا في الوقت المعين من الله . كان قد أعلن له أن مسيا سيجيء ليعتمد منه وأنه ستعطى له علامة تدل على صفته الإلهية ، وهكذا سيكون قادرا على تقديمه للشعب. ML 90.3