مشتهى الأجيال
الفصل الخامس والسبعون—محاكمة في الليل
ساروا في طريقهم مخترقين وادي قدرون وعبروا البساتين وحدائق الزيتون وهم يدفعون يسوع أمامهم ويستحثونه ليسرع في سيره في الشوارع الساكنة في تلك المدينة الهاجعة . كان الوقت بعد منتصف الليل ، ولكن صرخات الاستهزاء الخارجة من أفواه أولئك الرعاع شوشت ذلك السكون الشامل . وقد أوثق المخلص وفرضت عليه حراسة شديدة وكان يسير بكل صعوبة ، ولكن القابضين عليه أسرعوا به في شغف إلى قصر حنان رئيس الكهنة السابق . ML 660.1
كان حنان هذا رئيس أسرة الكهنوت القائمة بالخدمة ، فاحتراما لشيخوخته كان الشعب يعتبرونه كرئيس كهنة . وكانوا يلتمسون منه المشورة وينفذونها كما لو كانت صوت الله .فينبغي أن يكون هو أول من يرى يسوع أسيرا تحت سلطان الكهنة . وينبغي أن يكون حاضرا عند محاكمة هذا الأسير لئلا يخفق قيافا غير المحنك في تحقيق الغاية التي لأجلها ظلوا يعملون ويتآمرون طويلا ، فينبغي الانتفاع بحيلته ومكره ودهائه في هذه الفرصة ، لأنه مهما تكن الظروف فلا بد من إدانة المسيح. ML 660.2
كان المسيح سيحاكم رسميا أمام السنهدريم ، ولكن كان لا بد من أن يحاكم محاكمة تمهيدية أمام حنان . ولم يكن في سلطان السنهدريم أن ينفذ الحكم بإعدام أحد ما دامت الأمة خاضعة لحكم الرومان . وكل ما كانوا يستطيعون عمله هو أن يفحصوا الأسير ويحكموا عليه . ثم ينتظرون مصادقة السلطات الرومانية عليه . لذلك كان من اللازم توجيه تهم إلى المسيح يعتبرها الرومان جرائم . كذلك يجب البحث عن تهمة توجه إلى يسوع تكون كافية لإدانته في نظر اليهود . إن عددا غير قليل من الكهنة والرؤساء تأثروا من تعاليم المسيح ، إلا أن خوفهم من الحرم (القطع) منعهم من الاعتراف به . وقد تذكر الكهنة جيدا سؤال نيقوديموس حين قال: “ألعل ناموسنا يدين إنساناً لم يسمع منه أولاً ويعرف ماذا فعل؟” (يوحنا 7 : 51). كان هذا السؤال حاسما في فض المجلس وإحباط تلك المؤامرات آنئذ . ولم يدع يوسف الرامي ولا نيقوديموس لحضور محاكمة يسوع في هذه المرة . ومع ذلك كان يوجد آخرون عندهم الجرأة في الكلام لإقرار العدالة . وكان ينبغي السير في المحاكمة بحيث يتألب كل أعضاء السنهدريم ضد يسوع . كانت هنالكتهمتان أراد الكهنة تثبيتهما . فلو أمكنهم أن يثبتوا على يسوع تهمة التجديف فسيدينه اليهود . فإن أمكن إثبات تهمة كونه يروج العصيان ويبث روح التمرد فسيدينه الرومان .وقد حاول حنان أن يثبت التهمة الثانية على يسوع أولا فسأله عن تلاميذه وعن تعليمه على أمل أن يصرح أسيره بما يمكن أن يعتبر تهمة ضده فيتخذه رئيس الكهنة ذريعة ضده لاتهامه . حاول أن يستدرجه لعله ينطق بتصريح يبرهن على أنه كان يحاول تكوين جمعية سرية يهدف من ورائها إلى إقامة مملكة جديدة . وفي هذه الحالة كان الكهنة يسلمونه إلى أيدي الرومان كمن يعكر السلام ويخلق الثورات. ML 660.3