مشتهى الأجيال
“هو يرشدكم إلى جميع الحق”
ثم تابع السيد كلامه قائلا: “إن لي أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كا ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني، لأنه يأخذ مما لي ويخبركم” (يوحنا 16 : 12 — 14). كان يسوع قد فتح أمام تلاميذه مجالا فسيحا للحق . ولكنه كان أمرا غاية في الصعوبة بالنسبة إليهم أن يميزوا بين تعاليمه وتقاليد الكتبة والفريسيين وتعاليمهم . كانوا قد تربوا على قبول تعاليم المعلمين على أنها صوت الله ، وكان لها سلطان على أذهانهم وقد صافت أحاسيسهم فاحتلت الأفكار الأرضية والأشياء الزمنية حيزا كبيرا من تفكيرهم . لم يدركوا طبيعة ملكوت المسيح الروحية مع إنه كان قد أوضحها لهم مرارا هذا عددها . وقد ارتبكت عقولهم فلم يدركوا قيمة الأقوال الإلهية التي أوردها لهم المسيح . وبدا وكأن كثيرا من تلك التعاليم قد ضاع هباء بالنسبة إليهم . رأى المسيح أنهم لم يفهموا المعنى الحقيقي لأقواله . فبكل رفق وعدهم بأن الروح القدس سيذكرهم بكل ما قاله لهم . ثم إنه أمسك عن أن يقول لهم أشياء كثيرة مما لم يمكنهم أن يفهموها . وهذه أيضا سيكشفها لهم روح الله . كان الروح سينشط أفهامهم حتى يمكنهم تقدير الأمور السماوية . قال يسوع: “وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق” (يوحنا 16 : 13). ML 637.2
إن المعزي يدعى “روح الحق”. وعمله هو أن يوضح الحق ويصونه . إنه أولا يسكن في القلب كروح الحق ، وهكذا يصير هو المعزي . في الحق عزاء وسلام ، ولكن لا سلام أو عزاء حقيقي في الكذب أو النفاق . إن الشيطان يستمد قوته وسلطانه على العقل عن طريق النظريات والتقاليد الكاذبة. وإذ يوجه الشيطان الناس إلى النظريات الكاذبة يشوه الحق . أما الروح القدس فيخاطب الذهن بواسطة الكتب المقدسة ويطبع الحق ويكتبه في القلب . وهكذا هو يفضح الضلال ويطرده من النفس . فالمسيح يخضع لنفسه شعبه المختار بواسطة روح الحق العامل بكلمة الله . ML 637.3