مشتهى الأجيال

512/684

أسمى قيمة من النقود

إن الباعث أو الدافع هو الذي يعطى ميزة لأعمالنا ، فإما أن يصمها بوصمة عار أو يعطيها القيمة الأدبية التي تستحقها . فليست الأشياء العظيمة التي تراها كل عين ويمتدحها كل لسان هي التي لها قيمة عظيمة في نظر الله ، ولكن الواجبات البسيطة التي نؤديها بفرح والعطايا القليلة القيمة التي نقدمها في غير مباهاة والتي تبدو للعين البشرية كأنها عديمة القيمة هي في الغالب التي لها أسمى تقدير في نظر الله . فالقلب العامر بالإيمان والنابض بالحب هو أغلى في نظر الله من أثمن العطايا . إن الأرملة الفقيرة قدمت كل معيشتها لتحمل القليل الذي عمقه . لقد حرمت نفسها من الطعام لتقدم الفلسين لعمل الله الذي قد أحبته . وقد فحلت ذلك بإيمان ، إذ كانت تؤمن بأن أباها السماوي لن يغضي عن عوزها الشديد ولن ينساها . فهده الروح المنكرة لنفسها وذلك الإيمان الشبيه بإيمان الأولاد هما اللذان استحقا مديح المخلص واستحسانه. ML 580.2

يوجد كثيرون من الفقراء الذين يرغبون في إظهار شكرهم لله على نعمته وحقه ، ويرغبون كل الرغبة في المساهمة مع إخوتهم الأوفر ثراء منهم في معاضدة عمل الرب .فينبغي ألا يصد أمثال أولئك الناس بل ليسمح لهم بأن يضعوا القليل الذي لهم في المصرف السماوي . فمتى قدمت هذه العطايا من قلوب مفعمة حبا لله فمع أنها تبدو تافهة فإنها تصير عطايا مكرسة وتقدمات لا تقدر بثمن يفرح بها قلب الله و يباركها. ML 581.1

إن يسوع عندما قال إن تلك الأرملة “ألقت أكثر من الجميع” كان صادقاً في كلامه ، ليس فقط من حيث الدافع بل أيضاً من حيث نتائج تلك التقدمة . إن “الفلسين الذين قيمتهما ربع” قد جلبا إلى خزانة الله كمية من المال أعظم من كل التقدمات التي أتى بها أولئك اليهود الأثرياء . إن أثر تلك التقدمة البسيطة كان كنبع ماء صغير عند منبعه ، ولكن بعد ذلك يصير واسعا وعميقا في مجراه وتفيض مياهه مدى الأجيال . وبوسائل لا حصر لها ساهمت تلك التقدمة في إسعاف الفقراء وانتشار الإنجيل . إن عمل التضحية الذي قامت به تلك الأرملة قد أثر متفاعلا في قلوب آلاف الناس في كل البلدان والعصور . وكان له تأثير في الأغنياء والفقراء ، فضاعفت تقدماتهم من قيمة عطيتها . إن بركة الله على فلسي الأرملة جعلتهما سببا في نتائج عظيمة ، وكذلك الحال مع كل تقدمة نقدمها وكل عمل نقوم به برغبة مخلصة لمجد الله فهو مرتبط بمقاصد الله القادر على كل شيء . إن نتائج ذلك العمل للخير لا يمكن تقديرها. ML 581.2