مشتهى الأجيال
الرب يوبخ طلب تمجيد الذات
“وكل أعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس: فيعرضون عصائبهم ويعظمون أهذاب ثيابهم، ويحبون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع، والتحيات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس: سيدي سيدي! وأما أنتم فلا تدعوا سيدي، لأن معلمكم واحد المسيح، وأنتم جميعاً أخوة. ولا تدعوا لكم أباً على الأرض، لأن أباكم واحد الذي في السموات. ولا تدعوا معلّمين، لأن معلّمكم واحد المسيح” (متى 23 : 5 — 10). بمثل هذه الأقوال الصريحة كشف المخلص عن الطموح الأناني الذي كان يطلب أبدا مجالا وسلطانا وهو يتظاهر بالوداعة الكاذبة في حين كانت القلوب مشحونة طمعاً وحسدا . عندما كان الناس يدعون إلى وليمة كان الضيوف يجلسون في المكان الملائم لمقامه . فالذين كان يعطى لهم أكرم مكان كانوا يتمتعون باهتمام خاص وينالون حظوة عظيمة . وكان الفريسيون دائبين دائما في تدبير خططهم للحصول على تلك الكرامات ، فوبخ يسوع هذه التصرفات. كما أنه وبخ الغرور الذي جعل أولئك القوم يتحرقون شوقاً للحصول على ألقاب الشرف مثل “سيد” أو “معلم”. وأعلن أن هذا اللقب لا يخص إنسانا بل: يخص المسيح نفسه . لقد كان الكهنة والكتبة والرؤساء ، مفسرو الناموس والمهيمنون عليه ، إخوة أبناء أب واحد وقد شدد يسوع على ألا يطلق الشعب أي لقب من ألقاب الشرف على إنسان ليدل على سيطرته على ضمائرهم أو إيمانهم. ML 577.1
لو كان المسيح عائشاً على الأرض اليوم بين من يحملون الألقاب الدينية الرنانة التي لا يوصف بها إلا الله أما كان يردد كلامه القائل: “أما أنتم فلا تدعو سيدي، لأن معلمكم واحد المسيح”؟ إن الكتاب المقدس يعلن عن الله قائلا: “قدوس ومهوب اسمه” (مزمور 111 : 9). أي مخلوق بشري يستحق أن يطلق عليه هذا اللقب ؟ وما أقل ما يظهر الإنسان من الحكمة والبر اللذين يدل عليهما هذا اللقب ! وما أكثر من يطلقون هذا اللقب على أنفسهم وهم في نفس الوقت يمثلون اسم الله وصفاته أسوا تمثيل ! واأسفاه ، فما أكثر ما يختفي الطموح العالمي والاستبداد والتعسف وأسفل الخطايا وأنجسها تحت ستار الثياب المزينة التي يلبسها أصحاب المراكز المقدسة الهامة ! وقد استطرد المخلص قائلا: ML 578.1
“أكبركم يكون خادماً لكم. فمن يرفع نفسه يتّضع، ومن يضع نفسه يرتفع” (متى 23 : 11 و 12)! عّلم المسيح مرارا عديدة أن العظمة الحقيقية تقاس بقيمة الإنسان الأخلاقية . فحسب تقدير السماء تنحصر عظمة الخلق في كوننا نعيش لنعمل الخير لبني الإنسان ، وفي القيام بأعمال المحبة والرحمة . فلقد كان المسيح ، ملك المجد ، خادما للبشر الساقطين. ML 578.2
قال يسوع: “ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون! لأنكم تغفلون ملكوت السماوات قدّام الناس، فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون” (متى 23 : 13). إن الكهنة والناموسيين إذ حرفوا الكتب المقدسة فقد أعموا أذهان أولئك الذين لولا هذا التصرف من جانب الرؤساء ما كانوا قد عرفوا عن ملكوت المسيح ، وتلك الحياة الإلهية في أعماق الإنسان التي هي جوهرية للقداسة الحقيقية. ML 578.3