مشتهى الأجيال
انشقاق في الكنيسة
وما أن أبكم الفريسيون حتى تقدم الصدوقيون بأسئلتهم الخبيثة . لقد كان العداء الشديد مستحكما بين هذين الحزبين . كان الفريسيون متمسكين بالتقاليد أشد التمسك ، كانوا بكل قوتهم يحافظون على التقاليد الخارجية ومجدين في ممارسة الغسلات والأصوام والصلوات الطويلة وكانوا يفاخرون الناس بصدقاتهم . ولكن المسيح أعلن أنهم قد أبطلوا وصية الله إذ كانوا يعلمون تعاليم هي وصايا الناس . وكطائفة كانوا قوما متعصبين ومنافقين ، ومع ذلك فقد وجد بينهم جماعة كانوا متمسكين بالتقوى الحقيقية . وهؤلاء قبلوا تعاليم المسيح وصاروا له تلاميذ . أما الصدوقيون فكانوا يرفضون تقاليد الفريسيين وكانوا يعترفون بإيمانهم بأكثر أسفار الكتاب معتبرين إياها قانونا للأعمال ، ولكنهم كانوا في الواقع قوما كثيري الشكوك وماديين. ML 568.1
كان الصدوقيون ينكرون وجود الملائكة وقيامة الأموات وعقيدة الحياة العتيدة بثوابها وعقابها . في كل هذه الأمور كانوا على طرفي نقيض مع الفريسيين . وكان موضوع الجدال الدائم بين ذينك الحزبين هو القيامة بوجه خاص . كان الفريسيون يؤمنون بالقيامة إيمانا ثابتا ، ولكنهم في مناقشاتهم كانت آراؤهم عن الحياة الآتية ملتبسة وغامضة . فكان الموت في نظرهم سرا استعصى عليهم فهمه وعجزوا عن إيضاحه . وإن عجزهم عن مقارعة حجج الصدوقيين أعطى مجالا لكثير من الاهتياج الذي لا ينقطع . وكانت المناقشات الدائرة بين الحزبين غالبا ما تنتهي بالمشادات الغاضبة والخصومات الشديدة .وهكذا كان يتفاقم الجفاء وتتسع شقة الخلاف بين الفريقين أكثر مما كانت. ML 568.2
كان الصدوقيون في العدد أقل جدا من خصومهم ، ولم يكن لهم سلطان قوي على عامة الشعب كما كان للفريسيين . ولكن كثيرين منهم كانوا أثرياء فكان لهم النفوذ الذي يمكن أن يمنحه الثراء . وقد كان بين صفوفهم السواد الأعظم من الكهنة ، وكان رئيس الكهنة يختار من بينهم عادة . وكان هذا بموجب شرط صريح ألاّ ينشروا شكوكهم أو يجعلوها تسيطر على عقول الناس . ونظرا لكثرة عدد الفريسيين وشهرتهم كان من اللازم للصدوقيين أن يوافقوهم على معتقداتهم ولو ظاهرا متى شغل أحدهم إحدى وظائف الكهنوت ، ولكن نفس فكرة كونهم لائقين لتلك الوظيفة ساعد على نشر أخطائهم. ML 568.3