مشتهى الأجيال

39/684

ثقافة يسوع

أما الصبي يسوع فلم يتلقَّ علومه في مدرسة المجمع. ولكن أمه كانت أول معلم بشري له . لقد تعلم عن الأمور السماوية من فمها ومن كتب الأنبياء . وعند ركبتي أمه تعلم نفس ما نطق هو به في مسمع موسى ليقوله لإسرائيل . فلما انتقل من طور الصبا إلى طور الشباب لم يذهب إلى مدارس معلمي اليهود إذ لم يكن محتاجا أن يتلقى العلم من تلك المصادر لأن الله كان معلمه. ML 56.3

إن السؤال الذي كان يطرح في أثناء خدمة المسيح القائل: “كَيف هَذا يعرِفُ اْلكُتُب ، وَهو لَم يتعلَّم؟” لم يكن ليدل على أن يسوع كان عاجزا عن القراءة ، بل على أنه لم يتلقَّ العلم عن المعلمين (يوحنا 7 : 15). وحيث أنه قد حصل المعرفة بنفس الطريقة التي يمكننا نحن أن نحصل عليها بها فإن معرفته المدهشة للكتاب المقدس ترينا مقدار اجتهاده في سني الصبا في تعلم كلمة الله ودرسها . كما أنه كانت أمامه مكتبة عظيمة هي خليقة الله. فذاك الذي صنع كل الأشياء كان يتعلم نفس الدروس التي قد سطرها بيده على صفحة الأرض والبحر والسماء . وإذ كان بمعزل عن طرق العالم النجسة جمع كثيرا من أصول العلم من الطبيعية . لقد درس حياة النبات والحيوان والإنسان . ومنذ صباه كان مشغولا بهدف واحد وعمل واحد- فلقد عاش لكي يبارك الآخرين ويسعدهم . لأجل هذا وجد موارد في الطبيعة ، وبرقت في ذهنه آراء وطرق جديدة وهو يدرس حياة النبات وحياة الحيوان . كان على الدوام يحاول أن يستخرج من الأشياء التي يراها أمثلة يقدم بها للناس أقوال الله الحية ، فالأمثال التي أوردها وأراد أن يعلم بها الناس الحق الإلهي مدى سني خدمته ترينا إلى أي مدى كانت روحه متفتحة لمؤثرات الطبيعة ، وكيف جمع التعاليم الروحية من البيئة التي كان يعيش فيها. ML 57.1

وهكذا انكشف أمام يسوع مغزى كلام الله وأعماله عندما كان يحاول أن يربط السبب بالنتيجة. كانت الخلائق السماوية ترافقه وتحيط به . وكانت الأفكار والخواطر المقدسة والتأملات الروحية في متناول ذهنه وقلبه ، فمند بدء ظهور ذكائه كان دائما ينمو في النعمة الروحية ومعرفة الحق ويمكن لكل صبي أن يحصل العلم كما قد فعل يسوع ، وإذ نحاول التعرف بأبينا السماوي عن طريق كلمته فستقترب الملائكة منا وتتقوى أذهاننا ويسمو خلقنا ويتطهر ، ونصير أقرب شبها إلى مخلصنا . وإذ نرى ما هو جميل وجليل في الطبيعة تصبو عواطفنا إلى الله ، وإذ تخشع الروح فالنفس ستنتعش بالاتصال بالله غير المحدود عن طريق أعماله . ثم إن الشركة مع الله بالصلاة تنمي القوى العقلية والأدبية ، وتنمو وتتقوى قوانا الروحية عندما نفكر في الروحيات. ML 57.2