مشتهى الأجيال

405/684

إنجيل النعمة

في كل العصور كان الفلاسفة والمعلمون يقدمون للعالم نظريات حاولوا بها سد حاجات النفس. فكل أمة وثنية كان لها معلموها العظام ونظمها الدينية وهذه كلها قدمت وسائل أخرى للفداء غير المسيح ، وبذلك حول أولئك المعلمون أنظار الناس عن وجه الآب وملأوا قلوبهم خوفا ورعبا من ذاك الذي لم يمنحهم غير البركات . فكانوا بذلك يحاولون سلب حقوق الله في الخلق والفداء . كما أن أولئك المعلمين الكذبة يسلبون الإنسان أيضاً .إن ملايين من بني الإنسان مقيدون تحت سلطان الديانات الكاذبة ، تحت عبودية الخوف المذل أو عدم المبالاة البليدة وهم يكدحون كالدواب حاملات الأثقال بلا أمل أو طموح في هذه الحياة وليس لهم غير الكآبة والخوف من المستقبل . وليس غير إنجيل نعمة الله يستطيع أن يسمو بالنفس . إن التأمل في محبة الله الظاهرة في ابنه هو الذي يلهب القلب وكل قوى النفس أكثر من أي شيء آخر . ولقد أتى المسيح لكي يخلق في الإنسان صورة الله من جديد . وكل من يبعد الناس عن المسيح إنما يبعدهم عن مصدر كل ارتقاء حقيقي ويختلس منهم أمل الحياة وغايتها الحقيقيين . إنه سارق ولص. ML 454.1

“وأما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف” (يوحنا 10 : 2). المسيح هو الباب كما أنه هو الراعي. إنه يدخل بنفسه. وبواسطة كفارته يصير راعي الخراف “لهذا يفتح البواب، والخراف تسمع صوته، فيدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها. ومتى أخرج خرافه الخاصة يذهب أمامها، والخراف تتبعه، لأنها تعرف صوته” (يوحنا 10 : 3 و 4). ML 454.2

إن الخروف هو من أكثر كل الخلائق جبنا وعجزا . وفي بلاد الشرق يهتم الراعي بقطيعه اهتماما دائما ويرعاه رعاية لا تعرف الكلال . وفي العصور القديمة كما في هذه الأيام لم يكن يوجد أمان خارج أسوار المدن . وإن قطاع الطرق القادمين من القبائل المجاورة المغيرة أو الوحوش الخارجة من أوجارها في الصخور كانت تتربص بالغنم .ولكن الراعي كان يحرس غنمه مع علمه أن ذلك كان يكلفه حياته . إن يعقوب الذي كان يرعى غنم لابان في حقول حاران إذ يصف خدمته في غير كلال يقول: “كنت في النهار يأكلني الحر وفي الليل الجليد، وطار نومي من عيني” (تكوين 31 : 40). وإذ كان الفتى داود يحرس غنم أبيه قاتل الأسد والدب وهو أعزل وأنقذ الشاة من أنيابهما . ML 454.3