مشتهى الأجيال
الفصل السابع—يسوع في حداثته
لقد قضى يسوع سني حداثته وشبابه في قرية جبلية صغيرة. ليس من مكان في الأرض قاطبة إلا وتبارك بحضوره . إنه امتياز لقصور الملوك لو نزل ضيفا فيها . ولكنه مر على قصور الأثرياء وعلى بلاط الملوك ومراكز العلم الشهيرة مر الكرام ليختار وطنه في قرية صغيرة مغمورة ألا وهي الناصرة. ML 55.1
إن سيرة يسوع الأولى عجيبة في دلالتها ومغزاها ، “وَكانَ الصبِي ينمو وَيتَقوى بِالروحِ، ممَتلئًا حكمةً ، وَكاَنت نعمةُ اللهِ عليه” (لوقا 2 : 8). ففي نور وجه أبيه كان يسوع “يتَقدمُ في اْلحكمة وَاْلَقامة وَالنِّعمة ، عْند اللهِ وَالنَّاسِ” (لوقا 2 : 52). لقد كان عقله نشيطا وفكره ثاقبا ، وكان تفكيره وحكمته سابقين لعمره . ومع ذلك فقد كان خلقه جميلا في تناسقه . كانت قوى جسمه وعقله تنمو تدريجا متمشية مع قوانين الصبا ML 55.2
وكصبي أبدى يسوع جمالا خاصا في ميوله: فكانت يداه على أتم استعداد للقيام بأية خدمة للآخرين ، وأظهر صبرا لم يكن ممكناً أن يعكره أحد. وكان متحليا بالصدق الذي لا يضحي بالاستقامة بأي ثمن . وإذ كان ثابتا على مبادئه كالصخر ، كشفت حياته عن جمال اللطف الذي لا تشوبه الأثرة ML 55.3
كانت أم يسوع تراقبه بجد واهتمام عميقين وهو يكشف عن قواه فرأت طابع الكمال في خلقه. وبفرح عظيم رغبت في تشجيع ذلك العقل النابه الواعي . وقد ألهمها الروح القدس حكمة لتتعاون مع العوامل السماوية في إنماء هذا الصبي الذي كان يعتبر أن الله وحده هو أبوه . ML 55.4