مشتهى الأجيال

395/684

أولاد إبراهيم

لقد أعلن الفريسيون انهم أولاد ابراهيم . ولكن يسوع أخبرهم أن هذا الادعاء لا يمكن تأييده ما لم يعملوا أعمال ابراهيم . إن أولاد ابراهيم الحقيقيين لابد أن يعيشوا كما عاش هو حياة الطاعة لله . وطبعا لا يحاولون اغتيال ذاك الذي كان يتكلم بالحق الذي تسلمه من الله . إن معلمي إسرائيل بتآمرهم على المسيح لم يكونوا يعملون أعمال ابراهيم . ومجرد كونهم من نسل إبراهيم كان أمرا عديم القيمة إذا لم تكن له صلة روحية به ، تلك الصلة التي تظهر في امتلاك نفس روحه ومباشرة نفس أعماله وإلا فليسوا من أولاده. ML 442.2

هذا المبدأ يتساوى في وزنه وقيمته مع مسألة أربكت العالم المسيحي مدة طويلة - وهي مشكلة الخلافة الرسولة . إن التناسل من إبراهيم لم يكن يتبرهن بالاسم والسلالة ، بل بالتشابه في الصفات . وكذلك الخلافة الرسولية لا تستند على نقل السلطة الإكليريكية ، بل على الصلة الروحية . إن الحياة التي تحركها روح الرسل والعقائد وتعاليم الحق التي علموها للناس- هذا هو البرهان الحقيقي على الخلافة الرسولية . هذا هو الذي يقيم الناس لكي يكونوا خلفاء رسل الإنجيل الإلهي. ML 442.3

أنكر يسوع ادعاء اليهود بأنهم أولاد إبراهيم فقال لهم: “أنتم تعملون أعمال أبيكم”. فأجابوه في سخرية قائلين: “إننا لم نولد من زنا. لنا أب واحد وهو الله” (يوحنا 8 : 41). هذا الكلام الذي يلمح إلى ظروف ولادة يسوع كان المقصود منه أن يكون طعنة موجهة إليه أمام أولئك الذين بدأوا يؤمنون به . ولم يلق يسوع بالا إلى ذلك التلميح الدنيء بل قال لهم:ك “لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني، لأني خرجت من قبل الله وأتيت” (يوحنا 8 : 42). ML 442.4

لقد شهدت أعمالهم على صلتهم بذاك الذي كان كذابا وقتالا للناس . قال لهم يسوع: “أنتم من أب هو إبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا. ذاك كان قتالاً للناس من البدء، ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق. وأما أنا فلأني أقول الحق لستم تؤمنون بي” (يوحنا 8 : 44، 45). إن حقيقة كون يسوع قد نطق بالحق بكل يقين كانت هي سبب عدم قبول رؤساء اليهود له . فالحق هو الذي أغضب أولئك الرجال الأبرار في أعين أنفسهم . لقد فضح الحق مغالطة الخطإ وسفسطته ، كما دان تعاليمهم وأعمالهم ، ولم يكن مقبولا لديهم . كانوا يفضلون أن يغمضوا عيونهم لكي لا يروا الحق على أن يتواضعوا معترفين بأنهم على خطأ . إنهم لم يحبوا الحق ولا رغبوا فيه حتى مع علمهم بأنه الحق. ML 443.1