مشتهى الأجيال

349/684

الفصل الخامس والأربعون—ظلال الصليب

كان عمل المسيح على الأرض يسرع إلى نهايته. لقد ظهرت أمامه في صورة واضحة الأماكن التي كان ينبغي أن تسير فيها قدماه . وحتى قبل تجسده رأى كل الطريق الذي كان يجب أن يسير فيه لكي يخلص ما قد هلك . فكل وخزة من الوخزات التي أدمت قلبه ، وكل إهانة وقعت عليه وكل عوز وكل حرمان كان عليه أن يتحمله- كل ذلك كان ماثلا أمام ناظريه قبلما خلع عنه ثياب الجلال وتاج الملك ونزل عن العرش ليخفي ألوهيته تحت سربال البشرية . إن الطريق من المذود إلى جلجثة كان واضحا أمامه . وقد عرف الآلام والأحزان التي ستحل به . عرف كل ذلك ومع هذا قال :“هأنذا جئت. بدرج الكتاب مكتوب عنّي: أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت، وشريعتك في وسط أحشائي” (مزمور 40 : 7 و 8). ML 388.1

كانت نتائج مهمته ماثلة أمامه أبداً . فحياته الأرضية التي كانت هكذا ملآنة كلها تعبا وتضحية كان يبهجها وينيرها الرجاء في أن كل آلامه وأوجاعه لن تذهب هباء . وإذ يبذل حياته لأجل خلاص بني الإنسان فسيعيد العالم إلى حالة الولاء لله . ومع أنه ينبغي له أن يقبل صبغة الدم أولا ، ومع أن خطايا العالم كانت ستثقل وتضغط على نفسه البارة ، ومع أن ظلال الحزن والويل الذي لا يعبر عنه كانت ستقع عليه فإنه من أجل السرور الموضوع أمامه اختار أن يحتمل الصليب مستهينا بالخزي. ML 388.2

كانت المشاهد المؤلمة الرابضة أمام يسوع مستورة عن عيون تلاميذه الذين قد اختارهم رفقاء له في خدمته ، ولكن الوقت الذي فيه سيشاهدون آلامه وأحزانه كان قريبا. إنهم سيرونه هو الذي قد أحبوه ووثقوا به مسلما لأيدي أعدائه ومعلقا على صليب جلجثة . وبعد قليل عليه أن يتركهم ليواجهوا العالم دون أن يحصلوا على عزاء وجوده معهم بالجسد. ML 388.3

لقد عرف كيف سيضطهدون حين يواجهون عدم الإيمان والكراهية المرة ، ولذلك رأى أن يعدهم لمواجهة تجاربهم. ML 388.4