مشتهى الأجيال
يطلبون آية
وإذ نزل يسوع وتلاميذه في السفينة جاءوا إلى تخوم مجدل ، وهي تقع في أقصى جنوبي سهل جنيسارت. في تخوم صور وصيداء انتعشت روح المسيح بالإيمان الواثق الذي أبدته المرأة الفينيقية السورية . وقد قبله الشعب الوثني في المدن العشر بسرور . والآن بعدما أرسى في الجليل مرة أخرى حيث ظهرت قدرته للجميع بأعظم قوة مدهشة وحيث كان قد أجرى أعظم معجزات الرحمة وقدم للشعب التعاليم- في ذلك الإقليم قوبل بالاحتقار وعدم الإيمان. ML 382.1
إن وفدا من الفريسيين كان قد انضم إليه ممثلون من أثرياء الصدوقيين ونبلائهم وحزب الكهنة والمتشككين وأشراف الأمة. وكان بين تينك الطائفتين عداء مستحكم . فالصدوقيون كانوا يريدون أن يخطبوا ود القوة الحاكمة حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بمراكزهم وسلطتهم، ومن الناحية الأخرى كان الفريسيون يشعلون في قلوب الشعب نار العداء للرومان ويتوقون لمجيء الوقت الذي فيه يستطيعون أن يطرحوا عنهم نير أولئك الغزاة الفاتحين . ولكن الفريسيين والصدوقيين اتحدوا الآن معا ضد المسيح . وشبيه الشيء منجذب إليه . والشر أينما يوجد يتحالف مع الشر لتحطيم الخير وملاشاته. ML 382.2
أتى الفريسيون والصدوقيون إلى المسيح طالبين منه أن يريهم آية من السماء. عندما خرج العبرانيون في أيام يشوع لمحاربة الكنعانيين في بيت حورون وقفت الشمس في السماء إطاعة لأمر ذلك القائد حتى انتصر الشعب ، وقد ظهرت عجائب أخرى عديدة مشابهة لهذه في تاريخهم . فطلب أولئك الرجال من يسوع الآن أن يريهم آية كتلك الآيات . ولكن تلك الآيات لم تكن هي ما يحتاجه اليهود . إن مجرد البرهان الخارجي لا يمكنه أن يفيدهم . لم يكونوا بحاجة إلى الإنارة العقلية قدر احتياجهم إلى التجديد الروحي. قال لهم يسوع: “يا مراؤون! تعرفون أن تميّزوا وجه السماء” - فبتطلعهم في السماء ودرس علاماتها كان يمكنهم أن يتنبأوا عن حالة الجو — “أما علامات الأرمنة فلا تستطيعون!” (متى 16 : 3). إن أقوال المسيح التي نطق بها بالروح القدس وبكتتهم على الخطية كانت هي العلامة التي قدمها الله لأجل خلاصهم . بل لقد جاءت آيات من السماء مباشرة لتشهد لرسالة المسيح . فأغنية الملائكة التي سمعها الرعاة ، والنجم الذي قاد المجوس ، والحمامة والصوت الذي جاء من السماء عند عماده كانت كلها شهودا له. ML 382.3
“فتنهد بروحه وقال: لماذا يطلب هذا الجيل آية؟”، “لا تعطى له آية إلا آية يونان النبي” (مرقس 8 : 12 ؛ متى 16 : 4). كما كان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال كذلك سيكون المسيح (( في قلب الأرض )) المدة نفسها . وكما كانت كرازة يونان آية لأهل نينوى كذلك كانت كرازة المسيح لذلك الجيل . ولكن كم كان الفرق عظيما بين الفريقين بالنسبة لقبول الكلمة ! إن شعب تلك المدينة الوثنية العظيمة ارتعبوا عندما سمعوا ذلك الإنذار المرسل إليهم من الله . فالملك والأشراف تذللوا والعظماء والوضعاء معا صرخوا إلى إله السماء فمنحهم الرحمة . “ رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان ههنا!” (متى 12 : 40 و 41). ML 383.1