مشتهى الأجيال
الفصل الرابع—ولد لكم مخلص
لقد تنازل ملك المجد فاتخذ لنفسه جسدا بشريا وكانت البيئة الأرضية التي عاش فيها خشنة وكريهة. لقد احتجب مجده حتى لا يسترعي مظهر جلاله الخارجي التفات الناس إنه نبذ كل مظاهر الأبهة والتفاخر ، إذ أن الغنى والمجد العالمي والعظمة البشرية لا يمكنها أبداً أن تخلص نفسا من الموت . فقصد يسوع ألا يكون أي جاذب أرضي سببا في التفاف الناس حوله ، وإنما جمال الحق السماوي وحده هو الذي ينبغي أن يجتذب من يرغبون في اتباعه . لقد سبقت النبوات فأنبأت عن صفات مسيا ، وهو يرغب أن يقبله الناس بناء على شهادة كلمة الله ML 35.1
إن تدبير الفداء المجيد أذهل الملائكة ، فجعلوا يراقبون كيف سيستقبل شعب الله ابنه المتسربل بثياب البشرية ، وها هم قد أتوا إلى أرض الشعب المختار. كانت الأمم الأخرى تتعامل بالخرافات وتعبد الآلهة الكاذبة ، فأتى الملائكة إلى الأرض التي فيها قد أعلن مجد الله وعليها أشرق نور النبوة . جاءوا إلى أورشليم دون أن يراهم أحد ، وإلى مفسري أقوال الله المختارين وإلى خدام بيته . وقد سبق الملاك فأنبأ زكريا الكاهن إذ كان يخدم أمام المذبح عن قربى مجيء المسيح . وها قد ولد ذاك السابق للمسيح ورائده وكانت رسالته ستؤيد بالمعجزات والنبوات ، فانتشرت أنباء ميلاده ومغزى رسالته العجيبة في كل مكان . ومع ذلك فإن أورشليم لم تكن متأهبة لاستقبال فاديها ML 35.2
وبكل دهشة وذهول لاحظ الأجناد السماويون عدم مبالاة ذلك الشعب الذي دعاه الله لنشر نور الحق المقدس في العالم. لقد حفظت الأمة اليهودية شهادة على أن المسيح سيولد من ذرية إبراهيم ومن نسل داود ، ومع ذلك فإنهم لم يكونوا يعلمون أن مجيئه قريب جدا وفي الهيكل كانت الذبائح الصباحية والمسائية التي كانت تقدم كل يوم ، تشير إلى حمل الله. ولكن حتى في الهيكل المقدس لم يكن هنالك أي استعداد للترحيب به . إن كهنة الأمة ومعلميها لم يكونوا يعلمون أن أعظم حدث مدى أجيال التاريخ مزمع أن يقع . لقد كانوا يتلون صلواتهم العديمة المعنى ويمارسون طقوس العبادة لكي ينظرهم الناس. ولكن في كفاحهم سعيا وراء الغنى والشرف العالمي لم يكونوا متأهبين لاستقبال مسيا ، وهكذا ساد عدم المبالاة أرض إسرائيل . فالقلوب المحبة لذاتها المنغمسة في حب العالم لم يكن لها نصيب في الفرح الطاغي الذي ملأ أرجاء السماء . ولكن كانت هناك أقلية من الشعب تاق أفرادها إلى رؤية الرب غير المنظور . إلى هؤلاء أُرسلت رسل السماء ML 35.3