مشتهى الأجيال
النبي المعذَّب
بدا كل هذا سرا استغلق على نبي البرية ، فكانت تمر عليه ساعات تتعذب فيها روحه من وساوس الشيطان ، و كانت المخاوف الرهيبة تضايقه. فهل معنى ذلك أن المخلص الذي ظل الشعب ينتظره طويلا لم يظهر بعد؟ إذا فما معنى الرسالة التي كان عليه أن يحملها؟ لقد أحس يوحنا بخيبة مريرة نظرا إلى النهاية التي انتهت إليها مهمته ، حيث كان ينتظر أن رسالة الله سيكون لها نفس الأثر الذي حدث عندما قُرِئَ سفر الشريعة في أيام يوشيا وعزرا (٢أخبار ٣٤ ؛ نحميا ٨ و ٩) ، وأنه سيتبع ذلك توبة عميقة ورجوع إلى الله، إذ أنه لأجل نجاح هذه المهمة ضحى بحياته كلها. فهل كان ذلك عبثا ؟ ML 194.3
انزعج يوحنا حين رأى تلاميذه يعززون الشك في قلوبهم ضد يسوع ، وذلك بسبب محبتهم له . فهل صار تعبه لأجلهم بلا ثمر؟ وهل كان هو غير أمين في تأدية مهمته حتى لقد حيل الآن بينه وبين مواصلة عمله؟ وإذا كان مسيا الموعود به قد ظهر ، ووجد يوحنا أمينا لدعوته ، أفلا يسحق يسوع قوة الظالم ويطلق سراح بشيره ؟ ML 195.1
ولكن يوحنا لم يفرط في إيمانه بالمسيح . إن ذكرى الصوت الذي قد سمعه آتيا من السماء ، والحمامة التي استقرت على رأسه ، وحياة يسوع الطاهرة التي لا غبار عليها ، وقوة الروح القدس التي حلت على المعمدان عندما مثل في حضرة المخلص ، وشهادة كتب الأنبياء- كل هذه شهدت بأن يسوع الناصري هو الرب الموعود به. ML 195.2