الصراع العظيم

108/424

يكرز بتعليم المسيح

ان التعليم الذي كرز به زوينجلي لم يتسلمه من لوثر، لكنه كان تعليم المسيح. لقد قال ذلك المصلح السويسري: ”إنْ كان لو ثر يكرز بالمسيح فهو انما يفعل ما افعله ان ا. إنَّ مَن قد أتى بهم الى المسيح هم أكثر ممن قد ارشدتهم انا اليه . ولكن هذا لا يهم . فانا لن احمل اسم شخص آخر غير اسم المسيح الذي انا جنديه والذي هو وحده قائدي . اني لم ارسل الى لوثر بكلمة واحدة ولا هو ارسل الي . ولماذا؟... حتى يتبرهن الى اي حد يتوافق روح الله مع نفسه اذ اننا كلينا نعلِّم تعليم المسيح من دون تواطؤ على نحو واحد متماثل“ (١٢٠). GC 191.2

وفي عام ١٥١٦ دعي زوينجلي ليصير واعظا في دير اينسيدلن . هنا قُيِّض له ان يرى فساد روما عن قرب، وكان عليه ان يبذل كمصلح نفوذا يحس به الناس بعيدا من وطنه في الألب . وكان بين الجواذب التي في اينسيدلن تمثال للعذراء قيل ان له قدرة على عمل المعجزات . وفوق مدخل الدير نقشت هذه العبارة: ”هنا يمكن الحصول على غفران كامل للخطايا“ (١٢١). وكان الحجاج يقصدون مزار العذراء هذا في كل الفصو ل. ولكن في عيد تكريسه السنوي العظيم كان يتقاطر الى هناك جماهير غفيرة من كل أنحاء سويسرا بل ومن فرنسا والماني ا. وأثار ذلك زوينجلي فانتهز الفرصة ليعلن الحرية بواسطة الإنجيل لعبيد الخرافات هؤلاء. GC 192.1

فقال للناس: ”لا تتصوروا ان الله هو في هذا الهيكل اكثر مما هو في اي مكان آخر في الخليقة، فالله محيط بكم انّى توجدون وهو يسمعكم ... هل يسع الاعمال غير النافعة أو الحج الطويل أو النذور أو الصور والتماثيل أو التوسل إلى العذراء أو القديسين أن تضمن لكم الحصول على نعمة الله؟ ... ما جدوى الكلام الكثير الذي تتكون منه دعواتنا ؟ وايُّ فاعلية في القلنسوة المصقولة أو الرأس الحليق أو الحلل الطويلة الهفهافة أو المطرزة؟ ... ان الله ينظر الى القلب، لكنّ قلوبنا منصرفة عنه“ ثم قال: ”ان المسيح الذي اسلم مرة على الصليب هو القربان او الذبيحة التي قدمت تكفيرا عن المؤمنين الى الابد“ (١٢٢). GC 192.2

لكنّ كثيرين من السامعين لم يرضوا بهذا الكلام أو يقبلوه، بل احسوا بالخيبة المرة عندما قيل لهم ان سفرهم الشاق كان عبث ا. ولم يكونوا يفهمون شيئا عن الغفران المجاني المعطى لهم بواسطة المسيح . كانوا قانعين بالطريق القديم الذي كانوا يعتقدون انه يوصلهم الى السماء كما قد رسمته لهم روما. وقد امتنعوا عن ايقاع انفسهم في الارتباك الناشئ عن محاولة البحث عن شيءْ افضل. كان اسهل عليهم ان يستندوا في امر خلاصهم الى الكهنة والبابا من ان يسعوا نحو طهارة القلب. GC 192.3

لكنّ فريقا آخر قبلوا اخبار الفداء بالمسيح بفرح . فالممارسات والطقوس التي فرضتها روما لم تستطع ان تمنحهم سلام النفس، فقبلوا بالايمان دم المخلص كفارة عنهم . وعاد هؤلاء الحجاج الى وطنهم ليعلنوا للآخرين النور الثمين الذي حصلوا عليه . وهكذا انتقل الحق من قرية الى اخرى ومن مدينة الى اخرى، فنقص عدد من كانوا يحجون الى هيكل العذراء نقصا كبيرا، ونقصت تبعا لذلك قيمة النذور، كما نقص كذلك المرتب الذي كان زوينجلي يتقاضاه منهم. لكنّ هذا سبب له فرحا عندما رأى ان قوة التعصب والخرافات هي في طريقها الى الاضمحلال. GC 193.1

لم تكن سلطات الكنيسة غافلة عن العمل الذي كان زوينجلي يعمله، ولكنهم رفضوا التدخل في ذلك الحين . فلانهم كانوا يرغبون في ان يكسبوه الى جانبهم حاولوا استمالته اليهم بالتملقات، وفي اثناء ذلك كان الحق يسيطر على قلوب الشعب. GC 193.2