الصراع العظيم

98/424

امام المجلس ثانية

عندما ادخل مرة أخرى أمام المجمع لم يكن يبدو على وجهه خوف أو ارتباك. ومع أنه كان هادئا ومسالما فقد كان شجاعا ونبيلا جدا، وهكذا وقف كشاهد لله بين عظماء الارض . وطلب منه ضابط الامبراطور الآن أن يدلي بقراره بما اذا كان يتبرأ من تعاليمه أم لا . فقدم لوثر جوابه بصوت مكبوت متواضع من دون عنف أو غضب . وكان يبدو عليه الخجل والاستحياء والوقار، ومع ذلك فقد أبدى ثقة وفرحا أدهشا المحفِل. GC 175.1

قال لوثر: ”يا جلالة الامبراطور الموقر ويا أصحاب السمو الأمراء ويا أيها السادة الاجلاء، اني أمثل أمامكم اليوم امتثالا للأمر الذي صدر اليَّ أمس، واني أناشدكم يا صاحب الجلالة ويا أصحاب السمو أن تصغوا بحلمكم الى الدفاع الذي سأقدمه عن قضية أن ا واثق من عدالتها وصدقه ا. فاذا كنت أخالف عادات المحاكم وآدابها جهلا مني فأنا التمس منكم الصفح والتجاوز عن أخطائي لأني لم أنشأ في قصور الملوك بل في حجرة احد الاديرة“ (٩٩). GC 175.2

ثم اذ تقدم للاجابة عن السؤال الموجه اليه قرر أن كتبه ليست كلها من نوع واحد . فبعضها تن اول موضوع الايمان والاعمال الصالحة . وقد شهد حتى اعداؤه انفسهم ان هذه الكتب ليست عديمة الضرر بل نافعة . فالتبرؤ منها معناه ادانة حقائق تعترف بها جميع الاحزاب . والصنف الثاني من الكتب تناول مفاسد البابوية وفضائحها. وسحب هذه المؤلفات يزيد من طغيان روما ويفتح ا لباب على مصراعيه لمزيد من المعاصي . أما النوع الثالث من كتبه فقد هاجم فيه بعض الافراد الذين دافعوا عن الشرور المتفشية . واعترف بكل صراحة أنه في هذه الكتب الاخيرة قد اشتد في عنفه وهجومه أكثر مما يليق . وهو ليس يدَّعي لنفسه العصمة من الأخطاء، ولكن حتى هذه الكتب لا يستطيع أن يسحبها لأن ذلك يزيد من جرأة اعداء الحق ويعطيهم مجالا لأن يسحقوا شعب الله بأعظم قسوة. GC 175.3

ثم استأنف كلامه فقال: ”ومع ذلك فأنا لست الا مجرد انسان ولست الها،ولذلك فسأدافع عن نفسي كما قد فعل المسيح : ان كنت قد تكلمت رديا فأشهد على الرديء ... واني أناشدك م برحمة الله يا جلالة الامبراطور وانتم يا أصحاب السمو امراء الدولة وجميع الحاضرين من كل الطبقات والدرجات أن تبرهنوا من كتب الانبياء والرسل على أنني اخطأت او ضللت . وحالما تقنعونني بهذا فسأتبرأ من كل ما قد أخطأت أو ضللت فيه وأكون أول من يمسك بهذه الكتب ويلقي بها في النار. GC 176.1