الصراع العظيم

41/424

حملة على شهود الرب

وعندما عزمت روما في زمن ما أن تستأصل هذه الطائفة المكروهة أصدر البابا براءة تقضي بادانتهم كهراطقة وأسلمهم للذبح (انظر التذييل). لم تكن التهمة الموجهة اليهم هي التبطُّل أو الخيانة أو الاخلال بالأمن والنظام، بل أشيع عنهم بأنهم يتظاهرون بالتقوى والقداسة، وهذا المظهر يخدع ”خراف الحظيرة الحقيقية“. لذلك أمر البابا قائلا: ”تلك الطائفة الخبيثة الرجسة المطبوعة على الشر، اذا رفض افرادها ان يجحدوا تعاليمهم فينبغي سحقهم كالحيات السامة“ (٨). فهل كان هذا العاهل المتعجرف يعرف أنه سيواجه هذا الكلام مرة اخرى، وهل كان يعلم أنه قد سُجل ضده في أسفار السماء، وانه سيجابه بهذا الكلام في يوم الدين؟ لقد قال يسوع: ”بما أنكم فعلتموه بأحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم“ (متى ٢٥ : ٤٠). GC 86.3

اوجبت هذه البراءة على كل عضو في الكنيسة ان يشترك في الحملة الصليبية ضد الهراطقة . والذي حفز الناس على هذا العمل القاسي هو انهم ”برئت ساحتهم من كل العقوبات الكنسية، العامة منها والخاصة . وكل من اشترك في تلك الحملة اعتق من كل النذور التي أوجبها على نفسه وصار له الحق الشرعي في ملكية أي شيء يكون قد استولى عليه بغير وجه حق، واعطي وعداً بغفران كل خطاياه متى قتل ايا من اولئك الهراط قة. وقد الغى ذلك المنشور كل عقد لصالح الولدنسيين، وأمر خدمهم بهجرهم وترك خدمتهم، ونهى جميع الناس عن تقديم كل مساعدة لهم، واعطى كل الناس سلطانا بالاستيلاء على املاك الولدنسيين“ (٩). هذه الوثيقة تكشف عن الروح الكامنة خلف كل تلك المشاهد . والصوت الذي يُسمع فيه ا ليس هو صوت المسيح بل هو زئير التنين. GC 87.1

ان الرؤساء البابويين رفضوا الامتثال لمقياس شريعة الله العظيم، بل لقد اقاموا ووضعوا قانونا يناسبهم ويتفق ورغباتهم وعزموا على ارغام الناس على الامتثال له لأن هذه هي ارادة روم ا. وقد حدثت أرهب المآسي . وكان الكهنة والبابوات الفاسدون المجدِّفون يقومون بالعمل الذي عينه الشيطان لهم، وما كان للرحمة أن تجد لنفسها سبيلا الى قلوبهم . فالروح نفسها التي صلبت المسيح وقتلت الرسل، والروح نفسها التي حرّكت نيرون المتعطش الى سفك الدماء الزكية ليقضي على الامناء في عهده، كانت دائبة في عمله ا لتبيد من الارض اولئك الذين كانوا احبّاء الله. GC 87.2

ان الاضطهادات التي حلت بهذا الشعب الخائف الله احتملوها قرونا عديدة بصبر وثبات، وتمجد بذلك فاديهم . وعلى رغم الحملات الصليبية التي جُردت عليهم والمذابح الوحشية التي حلت بهم فانهم لم يكفوا عن ارسال مبشريهم ليبذروا بذار الحق الثمين . لقد طوردوا حتى الموت ومع ذلك أروت دماؤهم ذلك البذار المزروع فلم يكف عن الاتيان بثمر . وهكذا شهد الولدنسيون لله قبل ميلاد لوثر بعدة قرون . فاذ تشتتوا في بلدان كثيرة زرعوا بذار الاصلاح الذي بدأ في أيام ويكلف ونما وزاد وتأصل في أيام لوثر، وس يظل هذا العمل متقدما الى الامام الى انقضاء الدهر على ايدي من يرغبون أيضاً في احتمال كل شيء ”من أجل كلمة الله ومن أجل شهادة يسوع المسيح“ (رؤيا ١ : ١٩). GC 88.1