الصراع العظيم

382/424

عندما يمتد الصراع

وعندما يمتد الصراع الى ميادين جديدة وتوجّه اذهان الناس الى شريعة الله الم دوسة تحت الاقدام فالشيطان يكون منهمك ا. ان القوة المصاحبة للرسالة ستصيب مقاوميها بالجنون . والاكليروس سيبذلون جهودا فوق الطبيعة لو استطاعوا ليمنعوا النور حتى لا يشرق على قطعانهم . وبكل وسيلة تحت سلطانهم سيحاولون اخماد المباحثة في هذه المسائل الحيوية . والكنيسة تلجأ الى ذراع القوة المدنية، وفي هذا العمل سيتحد البابويون والبروتستانت . واذ تشتد حركة ارغام الناس على حفظ يوم الاحد وتزيد جرأة واصرارا فسيُستنجد بالقانون ضد حافظي الوصية . وسيتوعدونهم بالغرامات والسجن والبعض منهم ستُعرض عليهم وظائف ذات نفوذ وغير ذ لك من المكافآت والميزات لاغرائهم بنبذ عقيدتهم . لكنّ جوابهم الثابت سيكون هكذا: ”برهنوا لنا على خطئنا من كلمة الله“ — وهذه هي الحجة نفسها التي قدمها لوثر عندما كان في ظروف مماثلة. وأولئك الذين يُستدعون للمثول امام المحاكم يؤيدون الحق ويزكونه تزكية قوية، وبعض من يسمعونهم سيقررون حفظ كل وصايا الله، وهكذا سينكشف النور أمام آلاف من الناس الذين لولا ذلك لما كانوا يعرفون شيئا عن تلك الحقائق. GC 658.1

ستعامل إطاعة كلمة الله في اخلاص كما لو كانت تمردا وعصيان ا. فاذ يعمي الشيطان اذهان الآباء سيلجأون الى الفظاظة والقسوة في معاملة أولادهم المؤمنين، والسيد أو السيدة سيضطهدون خدامهم أو عبيدهم حافظي الوصية. وستُستبعد المحبة، والاولاد يُحرمون من الميراث ويُطردون من البيت . وسيتم كلام بولس حرفيا اذ قال: ”جميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضطهدون“ (٢ تيموثاوس ٣ : ١٢).واذ يرفض المدافعون عن الحق تكريم يوم الاحد فالبعض منهم سيلقى بهم في السجون، والبعض الآخر سيرسلون الى المنفى، والبعض سيعاملون معاملة العبيد . كل هذا يعتبر الآن امرا مستحيل الوقوع في نظر الحكمة البشرية، ولكن اذ ينسحب روح الله الرادع من بين الناس ويصيرون تحت سيطرة الشيطان الذي يبغض وصايا الله فستحدث تطورات غريبة . ان القلب يمكن ان يكون قاسيا جدا عندما يُطرد منه خوف الله ومحبته. GC 658.2

واذ تقترب العاصفة فان فريقا كبيرا ممن قد اعترفوا بايمانهم برسالة الملاك الثالث ولكنهم لم يتقدسوا بالطاعة للحق يتركون مركزهم وينضمون الى صفوف المقاومة. فاذ يتحدون مع العالم ويشتركون في روحه فهم يرون بالمنظار نفسه تقريبا، وعندما يجيء الامتحان يكونون مستعدين لاختيار الجانب السهل الشائع المشهور. واصحاب المواهب والخطابة المسرة الذين ك انوا قبلا يبتهجون بالحق يستخدمون قواهم في خداع النفوس وتضليله ا. ويصيرون ألد أعداء اخوتهم السابقين. وعندما يؤتى بحافظي السبت امام المحاكم ليجاوبوا عن ايمانهم فان هؤلاء المرتدين يكونون افعل الوسائل في يد الشيطان لتشويه اخلاقهم والدس ضدهم واتهامهم، وبواسطة البلاغات الكاذبة والداسائس يثيرون الحكام ضدهم. GC 659.1

في وقت الاضطهاد هذا سيُمتحن ايمان عبيد الرب . لقد قدموا الانذار بكل امانة ناظرين الى الرب وكلمته فقط . ولان روح الله يرف على قلوبهم فانه ارغمهم على الكلام، واذ حرضتهم الغيرة المقدسة وبدافع قوي اله ي في نفوسهم شرعوا في القيام بواجباتهم من دون ان يحسبوا بفتور حساباً لعواقب مخاطبة الناس بكلمة الله التي سلمهم اياه ا. ولم يتدربوا امر مصالحهم المادية ولا ضنوا بسمعتهم أو حياتهم . ومع ذلك فعندما تهب عليهم عاصفة المقاومة والعار ويستولي الرعب على البعض منهم سيك ونون على اهبة الصراخ قائلين: ”لو كنا قد علمنا من قبل عواقب كلامنا لكنا قد صمتنا“. لقد احدقت بهم المتاعب والمشقات . والشيطان يهاجمهم بتجاربه العنيفة . ويبدو ان العمل الذي شرعوا فيه هو فوق طاقتهم ولا يستطيعون انجازه انهم مهددون بالهلاك . وقد زايلهم الحماس الذي كان قد انعشهم،ومع ذلك فهم لا يستطيعون ان يتراجعو ا. وحينئذ اذ يحسون بعجزهم التام يهرعون الى الرب القدير في طلب القوة . وهم يذكرون ان الكلام الذي نطقوا به لم يكن كلامهم بل كلام ذاك الذي أمرهم بتبليغ الانذار . لقد وضع الله الحق في قلوبهم فلم يستطيع وا الاحجام عن اذاعته. GC 659.2

ان هذه المحن نفسها قد اختبرها رجال الله السابقون في العصور السالفة. فويكلف وهس ولوثر وتندل وباكستر ووسلي ألحوا بوجوب وضع كل التعاليم تحت اختبار الكتاب، واعلنوا عن استعدادهم لنبذ كل ما يدينه كتاب الله . وقد ثارت اضطهادات قاسية لا تلين ضد هؤلاء الناس ومع ذلك لم يكفوا عن اعلان الحق . لقد مرت الكنيسة في تاريخها بمراحل مختلفة تميزت كل منها بابراز حقيقة خاصة تتوافق واحتياجات شعب الله آنذاك . وكل حق جديد شق لنفسه طريقا ضد العداوة والمقاومة، وكل من قد تباركوا بنوره جُربوا وامتحنو ا. فالرب يعطي حقا خاصا للشعب في ظرف طارئ. فمن يجرؤ على رفض اذاعته ؟ انه يأمر عبيده ان يقدموا آخر دعوات الرحمة الى العالم . وهم لا يستطيعون البقاء صامتين ما لم يكن هنالك خطر على ارواحهم . ان سفراء المسيح لا شأن لهم بالعواقب . فعليهم القيام بواجبهم تاركين النتائج في يد الله. GC 660.1