الصراع العظيم

344/424

نهاية الخطيئة

وهكذا تنتهي الخطيئة بكل ما نجم عنها من ويل وهلاك ودمار . يقول كاتب المزامير: ”اهلكت الشرير . محوت اسمهم الى الدهر والابد . العدو تم خرابه الى الابد“ (مزمور ٩ : ٥ و ٦). ويوحنا في رؤياه اذ نظر مستشفا المصير الا بدي سمع تسبيحة شكر لا يعكرها أو يفسدها أي تنافر في الاصوات . فكل خليقة في السماء والارض سُمعت وهي تنسب المجد الى الله (رؤيا ٥ : ١٣). وحينئذ لن تكون هناك نفوس هالكة لتجدف على الله وهي تتلوى من هول العذاب الذي لا ينتهي، ولن تكون في الجحيم ارواح شقية تختلط صرخاتها بأغاني المخلصين. GC 592.1

وعلى أساس ضلالة خلود النفس الطبيعي ترتكز عقيدة الوعي عند الموت، وهي عقيدة مناقضة لتعاليم الكتاب وما يمليه العقل ومشاعرنا البشرية، مثل عقيدة العذاب الابدي . وطبقا للاعتقاد الشائع يكون المفتدون في السماء على علم بكل ما يحدث على الارض، وعلى الخصوص ما له علاقة بحياة اصدقائهم الذين قد تركوهم خلفهم . ولكن كيف يمكن ان يكون نبع سعادة وفرح للاموات كونهم يعلمون بضيقات الاحياء ومتاعبهم، وكونهم يشاهدون الخطايا التي يرتكبها احباؤهم ويرونهم يقاسون الآلام والاحزان والخيبة والعذاب في حياتهم؟ وما مقدار ما يتمتع به في السماء من سعادة اولئلك الذين كانوا يحومون حول اصدقائهم على الارض ؟ كم هو اعتقاد ممقوت ان يظن الانسان انه حالما تنطلق النسمة من الجسد تُحبس نَفْسُ الخاطئ في نيران الجحيم ! وما أعمق هوة العذاب التي ينحدر اليها اولئك الذين يرون اصدقاءهم ينحدر ون الى الهاوية وهم غير مستعدين ليدخلوا الى أبدية الويل والخطيئة ! ان كثيرين قد ساقهم هذا الفكر المدمر الى الجنون. GC 592.2

ولكن ما الذي يقوله الكتاب عن هذه الامور ؟ أعلن داود أن الانسان يكون عديم الشعور عند موته اذ يقول: ”تخرج روحه فيعود الى ترابه في ذلك اليوم نفسه تهلك افكاره“ (مزمور ١٤٦ : ٤). وهذا هو ما يشهد به ايضا سليمان فيقول: ”لأن الاحياء يعلمون انهم سيموتون أما الموتى فلا يعلمون شيئا“، ”ومحبتهم وبغضتهم وحسدهم هلكت منذ زمان ولا نصيب لهم بعد الى الابد في كل ما عمل تحت الشمس“، ”ليس من عمل ولا اخت راع ولا معرفة ولا حكمة في الهاوية التي أنت ذاهب اليها“ (جامعة ٩ : ٥ و ٦ و ١٠). GC 592.3

عندما أضيفت الى حياة الملك حزقيا خمس عشرة سنة اجابة لصلاته قدم هذا الملك الشاكر ضريبة حمد وتسبيح لله لأجل رحمته العظيمة . وفي أغنيته هذه يخبرنا عن سبب ذلك الفرح فيقول: ”لأن اله اوية لا تحمدك الموت لا يسبحك. لا يرجو الهابطون الى الجب امانتك . الحي الحي هو يحمدك كما انا اليوم“ (اشعياء ٣٨ : ١٨ و ١٩). ان علم اللاهوت المألوف يصور الابرار الموتى كمن هم في السماء وقد دخلوا الى السعادة وهم يسبِّحون الله بألسنة خالدة، ولكن حزقيا لم يمكنه ان يرى في الموت مثل هذا الانتظار المجيد . وشهادة المرنم تتفق مع كلامه اذ تقول: ”لأنه ليس في الموت ذكرك . في الهاوية من يحمدك“، ”ليس الاموات يسبحون الرب ولا من ينحدر الى أرض السكوت“ (مزمور ٦ : ٥؛ ١١٥ : ١٧). GC 593.1