الصراع العظيم

322/424

غضب الشيطان

ظهر العداء المستحكم بين روح المسيح وروح الشيطان بشكل مدهش جدا في استقبال العالم يسوع . فما دعا اليهود الى رفض المسيح لم يكن ما بدا عليه من الافتقار الى غنى العالم والفخامة والجلال. لقد رأوا أنه يملك سلطانا هو أكثر من أن يعوض عن افتقاره الى تلك الميزات الظاهرية . لكنّ طهارة المسيح وقداسته أثا رتا عليه عداوة الاشرار . فحياة انكار الذات التي عاشها وتكريسه المنزه عن كل خطيئة كانا توبيخا دائما للشعب الشهواني المتكبر . هذا ما أثار العداء ضد ابن الله . لقد تحالف ضده الشيطان والملائكة الاشرار مع الناس الاشرار. تآمرت كل قوى الارتداد ضد بطل الحق. GC 550.3

هذا العد اء نفسه الذي ظهر ضد المسيح يظهر ضد تابعيه، فأي انسان يرى الخطيئة في شناعتها، وبالقوة التي تأتيه من فوق يقاوم التجربة، يثير على نفسه غضب الشيطان ورعاياه . ان كراهية الناس لمبادئ الحق الطاهرة، والتعيير والاضطهاد اللذين يحلان بمناصريه، ستظل باقية طالما بقيت الخ طيئة والخطأة . وتابعو المسيح لا يمكن التوفيق بينهم وبين عبيد الشيطان . فعثرة الصليب لم تبطل بعد. ”جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يُضطهدون“ (٢ تيموثاوس ٣ : ١٢). GC 551.1

ان أعوان الشيطان هم دائبون ابدا تحت توجيهاته في توطيد سيادته وبناء ملكوته لم قاومة حكم الله . ولهذه الغاية يحاولون اغراء أتباع المسيح واغواءهم حتى يبعدوهم عن ولائهم له . وهم كزعيمهم يسيئون فهم الكتب المقدسة ويحرفونها للوصول الى أهدافهم . وكما حاول الشيطان أن يوقع العار بالمسيح كذلك يحاول أعوانه أن يعيبوا في حق شعب الله . ان الروح التي أماتت المسيح تحرض الاشرار على اهلاك تلاميذه . كل هذا كان مرموزا اليه في النبوة الاولى القائلة: ”وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها“. وستظل الحال كذلك الى انقضاء الدهر. GC 551.2

يحشد الشيطان كل جيوشه ويلقي بكل قوته في المعركة . ولكن لماذا لا يواجه مقاومة أعظم ؟ ولماذا يتغلب النعاس وعدم المبالاة على جنود المسيح ؟ السبب هو أن صلتهم الحقيقية بالمسيح ضئيلة جدا، كما انهم خالون من روحه الى حد كبير . والخطيئة في نظرهم ليست منفرة ولا كريهة كما كانت في نظر سيدهم . وهم لا يواجهونها كما قد فعل المسيح بكل مقاومة وإصرار . وهم غير متحققين من شر الخطيئة وشناعتها العظيمين ولا يرون صفات سلطان الظلمة ولا قوته . ان عداوة المسيحيين للشيطان وأعماله ضئيلة وذلك بسبب جهلهم العظيم لقوته وخبثه وبسبب اتساع مدى حربه ضد المسيح وكنيسته . ان كثيرين ينخدعون هنا . انهم لا يدرون ان عدوهم قائد عظيم وجبار يسيطر على عقول الملائكة الاشرار وأنه بخططه الناضجة المدروسة وتحركاته الماكرة يحارب المسيح ليمنعه من تخليص النفوس . فبين المعترفي ن بالمسيحية وحتى بين خدام الانجيل قلما يشير أحد الى الشيطان الا في عبارات عابرة من المنبر، فهم يغفلون البراهين على نشاطه الدائم ونجاحه، ويهملون الانذارات العديدة عن مكره ودهائه، ويبدو أنهم يتجاهلون وجوده نفسه. GC 551.3