الصراع العظيم

320/424

لاجل الانسان

لقد اظهر الله مقته مبادئ العصيان ولقد رأت السماء كلها اعلان عدله في ادانة الشيطان وفي فداء الانسان . كان لوسيفر قد أعلن أنه اذا كانت شريعة الله لا تتغير وقصاص التعدي عليها لا يمكن ان يغتفر أو يبطل فلا بد للمتعدي أن يُحرم الى الابد من رضى الخالق . وقد ادعى أن الجنس الخاطئ هم بعيدون عن متناول الفداء ولذلك فقد صاروا فرائسه شرع ا. لكنّ موت المسيح كان حجة لا تُدحض في صالح الانسان . لذا وقع قصاص الشريعة على ذلك الذي كان معادلا لله، وكان للانسان مطلق الحرية لقبول بر المسيح وبحياة التوبة والتذلل ينتصر كما قد انتصر ابن الله على قوة الشيطان . وهكذا نرى أن الله بار ويبرر كل من هو من الايمان بيسوع . GC 547.1

لكنّ مجيء المسيح الى العالم ليتألم ويموت لم يكن لمجرد اتمام الفداء . فلقد أتى ”ليعظم الشريعة ويكرمه ا“. ليس فقط لكي يعتبر سكان ه ذا العالم الشر كما يجب أن يعتبروه وانما ليعلن لسكان العوالم جميعا في كل المسكونة ان شريعة الله لا تتغير . فلو أمكن أن تغفل مطالبها لما مسَّتْ الحاجة الى أن يسلم ابن الله حياته للتكفير عن التعدي عليه ا. فموت المسيح برهان على ثباتها وعدم تغيره ا. وتلك الذبيحة التي قد أوجبتها المحبة غير المحدودة على الآب والابن لاجل فداء الخطأة تعلن لكل المسكونة ان العدل والرحمة هما أساس شريعة الله وحكمه، وهو ما لم يكن يكفي لتقريره شيء أقل من تدبير الكفارة هذا. GC 547.2

وعندما تنفذ الدينونة أخيراً سيُرى أنه لا يوجد سبب للخطيئة وعندما يقد م ديان كل الارض هذا السؤال الى الشيطان قائلا: ”لماذا عصيت عليَّ وسلبتني رعايا ملكوتي ؟“ فلن يكون هنالك عذر لمبتدع الشر . سيستد كل فم ولن يستطيع أجناد العصيان الكلام. GC 547.3

ان صليب جلجثة، فضلا عن كونه يعلن عن ثبات الشريعة، يعلن أيضا أن أجرة الخطيئة موت . ففي صرخة المخلص وهو يسلم الروح ”قد أكمل“ دق جرس موت الشيطان . فذلك الصراع الهائل الذي كان محتدماً أمدا طويلا بُتَّ فيه حينئذ وصار استئصال الشر نهائىا امرا مؤكد ا. لقد اجتاز ابن الله في باب القبر ”لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي ابلي س“ (عبرانيين ٢ : ١٤). ان شوق لوسيفر الى تمجيد نفسه جعله يقول: ”ارفع كرسيّ فوق كواكب الله ... أصير مثل العلي“. لكنّ الله يعلن قائلا له: ”أصيرك رمادا على الارض ... ولا توجد بعد الى الابد“ (اشعياء ١٤ : ١٣ و ١٤ ؛ حزقيال ٢٨ : ١٨ و ١٩). فعندما ”يأتي اليوم المتقد كالتنور وكل المستكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشا ويحرقهم اليوم الآتي قال رب الجنود فلا يبقي لهم اصلا ولا فرعا“ (ملاخي ٤ : ١). GC 548.1

وسيكون كل سكان المسكونة شهودا على طبيعة الخطيئة وعواقبه ا. ثم ان استئصالها النهائي الكامل الذي قد يسبب لل ملائكة الخوف ويهين الله في بادئ الامر سيزكي محبته ويوطد كرامته أمام خلائق الكون الذين يسرون بعمل ارادته والذين شريعته في قلوبهم . ولن يعود الشر للظهور في ما بعد . وكلمة الله تقول: ”لا يقوم الضيق مرتين“ (ناحوم ١ : ٩). وشريعة الله التي ذمها الشيطان قائلا ع نها انها نير عبودية ستكرم على أنها ناموس الحرية . والخليقة الممحصة المزكاة لن ترتد ثانية عن ولائها لذاك الذي قد ظهرت صفاته على أنها المحبة التي لا يُسبر غورها والحكمة غير المحدودة أمام عيون الجميع. GC 548.2