الصراع العظيم

252/424

ارض متنازع عليها

ان سلطان الشر يتنازع على كل شبر من الارض التي يسير عليها شعب الله في طريق سياحتهم الى المدينة السماوية . ففي كل تاريخ الكنيسة لم ينجح أي اصلا ح من دون أن يواجه عقبات جسيمة . كذلك كانت الحال في ايام بولس . فأينما أقام ذلك الرسول كنيسة وُجِد جماعة اعترفوا بقبولهم للايمان ولكنهم ادخلوا معهم الهرطقات التي لو قبلها المسيحيون لكانت اخيرا تطرد محبة الحق بعيد ا. كما أن لوثر ايضا قاسى الشيء الكثير من الارتباك والضيق من جراء تصرفات الناس المتعصبين الذين ادعوا أن الله قد تكلم عن طريقهم مباشرة، والذين لأجل ذلك رفعوا افكارهم وآراءهم الخاصة فوق شهادة الكتب المقدسة . وكثيرون ممن كان ينقصهم الايمان ومع ذلك كان عندهم قدر كبير من الاتكال على الذات، والذ ين كانوا يحبون ان يسمعوا او يقولوا شيئا جديدا، اغوتهم ادعاءات المعلمين الحديثين فانضموا الى أعوان الشيطان في هدم ما قد حرك الله لوثر ليبنيه . وكذلك ابنا وسلي وغيرهما ممن قد باركوا العالم بقدوتهم وايمانهم. ففي كل خطوة واجهوا مكايد الشيطان الذي كان يأتي بأناس شديدي التحمس ويعوزهم الاتزان والتقوى فيزجهم في التعصب في كل طور من أطواره. GC 437.1

ولم يكن وليم ميلر يميل الى تلك المؤثرات التي تسوق الى التعصب . لقد اعلن على غرار لوثر ان كل روح ينبغي ان يمتحن بكلمة الله . ولقد قال ميلر: ”ان للشيطان سلطانا عظيما على عقول بعض ا لناس في هذه الايام . وكيف يمكننا ان نعرف من أي روح هم ؟ ان الكتاب المقدس يجيبنا قائلا: ”من ثمارهم تعرفونهم...“ توجد أرواح كثيرة خرجت الى العالم ونحن قد أُمرنا بأن نمتحن الارواح. فالروح الذي لا يجعلنا نعيش صالحين وابرارا واتقياء في هذا العالم الحاضر ليس هو روح المسيح . اني مقتنع اقتناعا كاملا بان للشيطان دخلا كبيرا في هذه الحركات الطائشة ... كثيرون بيننا ممن يدَّعون أنهم مقدسون بالتمام انما يتبعون تقاليد الناس، ويبدو انهم يجهلون الحق كغيرهم ممن لا يتشدقون بمثل هذه الادعاءات (٣٣٦)، ”ان روح الضلال يبعدنا عن الحق، أما روح الله فيقودنا الى الحق . ولكن، قد يقول احدكم، يستطيع انسان ان يكون على ضلال ويقول انه يملك الحق، ماذا اذاً؟ فعلى هذا السؤال نجيب قائلين ان الروح والكلمة متفقان . فاذا كان احد يحكم على نفسه بموجب كلمة الله ويجد توافقا وانسج اما كاملا في الكتاب فعليه ان يؤمن بأن عنده الحق . اما اذا وجد ان الروح الذي يقوده غير منسجم ولا متوافق مع كل طبيعة شريعة الله او كتابه فليسر بحذر لئلا تؤخذ رجلاه في اشراك الشيطان“ (٣٣٧). ”كثيرا ما وجد في بعض الاشخاص الدليل على وجود التقوى في قلوبهم من نظرات عيونهم المتوهجة الملتهبة او وجوههم المبللة بالدموع او أحاديثهم المختنقة، بأكثر جلاء ووضوح من كل الضجة التي تُسمع في العالم المسيحي“ (٣٣٨). GC 437.2

وفي ايام الاصلاح اتهم اعداؤه اولئك الذين كانوا جادين بكل غيرة في محاربة التعصب، بكل شرور التعصب ومساوئه . وقد عامل محاربو حركة المجيء دعاتها بمثل تلك المعاملة . واذ لم يقنعوا بتشويه اخطاء المتطرفين والمبالغة فيها نشروا اخبارا معاكسة لا أثر للصدق فيه ا. هؤلاء الناس كانوا مدفوعين بدافع التعصب والكراهية . ذلك ان سلامهم قد عكره اعلان قرب مجيء المسيح . لقد باتوا يخشون ان يكون ذ لك الكلام صحيحا، وكانوا يرجون الا يكون كذلك، وهذا كان السر في الحرب التي أثاروها ضد المجيئيين وعقيدتهم. GC 438.1