الصراع العظيم

123/424

نتائج عظيمة في خطر

وعندما اجتمع الحزب الانجيلي للتأمل والتشاور كانوا ينظرون بعضهم الى بعض بفزع وارتياع، وجعلوا يتساءلون في ما بينهم قائلين: ”وما العمل؟“ ان نتائج عظيمة كانت مستهدفة للخطر. ”هل يخضع رجال الاصلاح ويق بلون المرسوم ؟ ما كان اسهل عليهم في هذه الازمة الهائلة ان يأخذوا بمشورة تجعلهم ينهجون نهجا خاطئا ! وما كان أكثر الحجج الغراراة المقبولة ظاهرا والاسباب المعقولة التي كان يمكن أن تجعلهم يخضعون ! لقد أُعطي للامراء اللوثريون ضمان لممارسة شعائر ديانتهم بكل حرية، كما أعطي هذا الضمان لكل رعاياهم الذين كانوا قد اعتنقوا المبادئ المصلحة قبل اتخاذ ذلك الاجراء . أفلم يكن ذلك كافيا لهم ؟ ما أكثر المخاطر التي سينجون منها لو خضعوا ! وما أكثر المخاطرات والمحاربات المجهولة التي ستحل بهم اذا هم أمعنوا في المقاومة ! ومن يدري ما هي الفرص السانحة التي يحملها لهم المستقبل ؟ علينا ان ننشد السلام ونمسك بغصن الزيتون الذي تمده لنا روما ونضمد جراح المانيا. بمثل هذه الحجج كان يتاح للمص لحين ان يبرروا قبولهم السير في طريق كان كفيلا بان يقضي على قضيتهم القضاء المبرم. GC 221.2

”ولحسن الحظ نظروا وتأملوا في المبدأ الذي بُنيت عليه هذه التسوية وتصرفوا بايمان . وماذا كان ذلك المبدأ ؟ لقد كان من حق روما ان ترغم ضمائر ا لناس وتحرِّم التساؤل الحر . ولكن ألم يكن من حقهم وحق رعاياهم البروتستانت أن يتمتعوا بالحرية الدينية ؟ نعم كان لهم أن يتمتعوا بها كاحسان ومنَّه مشروطة ، لا كحق مكتسب . ولكن في كل ما كان خارجا عن نطاق تلك التسوية كان ينبغي ان يتحكم مبدأ السلطة العظيم. فالضمير لا يؤخذ بعَين الاعتبار، وكانت روما هي القاضي الذي لا مرد لحكمه والذي ينبغي اطاعته . ان قبول تلك التسوية المقترحة كان يمكن ان يكون اذعانا ايجابيا لحصر الحرية الدينية في اقليم سكسونيا المصلحة وحده ا. أما في ما عدا ذلك من كل بلدان العالم المسيحي فكانت حرية التساؤل والاعتراف بالايمان المصلح معتبرة جرائم جزاؤها السجن والموت حرق ا. فهل يرضون بحصر الحرية الدينية في نطاق ضيق ؟ أو يرضون بان يشاع بان الاصلاح لن يكون له مهتدون جدد، أو انه قد احرز آخر انتصاراته، وانه اينما كان سلطان روما وسيادتها في الوقت الراهن فستدوم تلك السيادة ؟ وهل كان يمكن أن يتبرأ المصلحون من دماء مئات وألوف الناس الذين تبعا لهذه التسوية كانوا سيسلمون أرواحهم في اراض خاضعة لحكم البابوية؟ في تلك الساعة الحرجة العظيمة كان معنى هذا انهم يخونون قضية الانجيل وحريات العالم المسيحي“ (١٦٢). لقد كانوا ”يفضلون على هذا تضحية كل شيء حتى املاكهم وتيجانهم وحياتهم“ (١٦٣). GC 222.1

قال الامراء: ”لنرفض ه ذا المرسوم . ففي ما يختص بالضمير لا سلطان للاغلبية“. وقد أعلن المبعوثون قائلين: ”اننا مدينون بالسلام الذي تنعم فيه الامبراطورية لمرسوم عام ١٥٢٦ ، فاذا ألغي فلا بد من حدوث اضطرابات وانقسامات في الماني ا. ان المجلس عاجز عن عمل شيء أكث ر من ابقاء الحرية الدينية الى أن ينعقد المجمع“ (١٦٤). ان من واجب الدولة ان تحرص على حرية الضمير، وهذا هو مدى سلطانها في المسائل الدينية . فكل حكومة علمانية تحاول تنظيم الممارسات الدينية أو ترغم الناس على حفظها بواسطة السلطة المدنية انما تضحي بنفس المبد أ الذي لاجله حارب المسيحيون الانجيليون وكافحوا بكل شجاعة. GC 222.2

ولقد عقد البابويون العزم على القضاء على ما أسموه ”عناداً جريئاً“، وبدأوا بمحاولة ايقاع الانقسامات بين معاضدي الاصلاح وبادخال الخوف الى قلوب من لم يجاهروا بمناصرته . اخيرا دعي ممثلو المدن الحرة للمثول أمام المجلس وطلب منهم اعلان ما اذا كانوا يرضون بشروط الاقتراح أم لا، فطلبوا التأجيل لكنّ طلبهم رُفض . وعند الامتحان وقف ما يقرب من نصف عددهم يناصرون المصلحين . وأولئك الذين رفضوا تضحية حرية الضمير وحق الفرد في ان يكون له حرية رأي عرفوا جيدا أن تصرفهم سيجعلهم هدفاً للانتقاد والإدانة والاضطهاد . وقد قال أحد المندوبين: ”علينا اما ان ننكر كلمة الله أو أن نُحرَق“ (١٦٥). GC 223.1